للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أسْلَمْن فاخْتارَ منهنَّ واحدةً، انْفَسخَ نكاح البواقِى، والأُولَى مَعَهُنَّ. وإن اختارَ الأُولَى التى فَسَخَ نِكاحَها، صَحَّ اخْتيارُه لها؛ لأنَّ فَسْخَه لنِكاحِها [لم يَصِحَّ] (٣٧). وفيه وجهٌ آخرُ ذكَره القاضى، أنَّه لا يَصِحُّ اخْتيارُه لها؛ لأنَّ فَسْخَه لنِكاحِها (٣٨) إنَّما لم يَصِحَّ مع إقامةِ البواقِى على الكُفْرِ حتى تَنْقَضِىَ العِدَّةُ؛ لأنَّنا نتبيَّنُ أنَّ نِكاحَها كان لازِمًا، فإذا أسْلَمْنَ لَحِقَ إسلامُهُنَّ بتلكَ الحالِ، وصار كأنَّهُنَّ أسْلَمْنَ فى ذلك الوقتِ، فإذا فَسَخَ نِكاحَ إحْداهُنَّ، صَحَّ الفسخُ، ولم يكُنْ له [أَنَّ يَخْتارَها] (٣٩). وهذا يَبْطُلُ بما لو فَسَخَ نِكاحَ إحْداهُنّ قبلَ إسْلامِها، فإنَّه لا يَصِحُّ، ولا يُجْعَلُ إسْلامُهنَّ المَوْجُودُ فى الثانى كالمَوْجُودِ سابقًا، كذلك ههنا.

فصل: فإن أسْلَمَ وتَحْتَه إماءٌ وحُرّةٌ، ففيه ثلاثُ مسائِل؛ إحْداهُنَّ، أسْلَمَ وأسْلَمْن معه كُلُّهنّ، فإنَّه يَلْزَمُ نِكاحُ الحُرَّةِ، ويَنْفَسِخُ نِكاحُ الإِماءِ؛ لأنَّه قادِرٌ على الحُرَّةِ، فلا يختارُ أمَةً. وقال أبو ثورٍ: له أَنَّ يخْتارَ. وقد مَضَى الكلامُ معه. الثانية، أسْلَمتِ الحُرَّةُ معه دُونَ الإِماءِ، فقد ثَبَتَ نِكاحُها، وانقطعتْ عِصْمَةُ الإِماءِ، فإن لم يُسْلِمْن حتى انْقَضتْ عِدّتُهنَّ، بِنَّ باخْتِلافِ الدِّينِ، وابْتِداءُ عِدَدِهِنَّ (٤٠) من حينَ أسْلَمَ. وإن أسْلَمْنَ فى عِدَدِهنّ، بِنَّ من حين إسْلامِ الحُرَّةِ، وعِدَدُهُنَّ من حينِ إسْلامِها. فإن ماتت الحُرّةُ بعدَ إسْلامِها، لم يتغَيَّر الحكمُ بمَوْتِها؛ لأنَّ مَوْتَها بعدَ ثُبُوتِ نِكاحِها وانْفِساخِ نِكاحِ الإِماءِ، لا يُؤثِّرُ فى إباحَتِهِنَّ. الثالثة، أسْلَمَ الإماءُ دون الحُرَّةِ وهو مُعْسِرٌ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أَن تَنْقَضِىَ عِدَّتُها قبلَ إسلامِها، فتَبِينُ باخْتِلافِ الدِّينِ، وله أَن يخْتارَ من الإِماءِ؛ لأنَّه لم يَقْدِرْ على الحُرَّةِ، أو تُسْلِمَ فى عِدَّتِها، فيَثْبُتُ نِكاحُها، ويَبْطُلُ نِكاحُ الإِماءِ، كما لو أسْلَمْنَ دَفْعةً واحدةً، وليس له أَن يخْتارَ من الإِماءِ قبلَ إسْلامِها


(٣٧) فى الأصل: "ما صح".
(٣٨) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٣٩) فى الأصل: "اختيارها".
(٤٠) فى م: "عدتهن".

<<  <  ج: ص:  >  >>