للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن رجعَ أحدُ الشَّاهَدِيْنِ وحدَه، فالحُكمُ فيه كالحُكمِ فى رُجوعِهما، فى أَنَّ الحاكمَ لا يَحْكُمُ بشهادتِهما، إذا كان رجوعُه [قبلَ الحُكْمِ، وفى أنَّه لا يَسْتَوْفِى العقوبةَ إذا رجعَ] (١٩) قبلَ اسْتِيفائِها؛ لأنَّ الشَّرْطَ يَخْتلُّ برُجوعِه، كاخْتِلالِه برُجوعِهما. وإن كانَ رُجوعُه بعدَ الاسْتِيفاءِ، لَزِمَه حبهمُ إقْرارِه وحدَه، فإنْ أقَرَّ بما يُوجِبُ القِصاصَ، وجَبَ عليه، وإِنْ أقرَّ بما يُوجِبُ دِيَةً مُغَلَّظَةً، وجبَ عليه قِسْطُه منها، وإن أقَرَّ بالخطأِ، وجَبَ عليه نَصِيبُه من الدِّيَةِ المُخففةِ. وإن كان الشُّهَودُ أكثرَ من اثْنَيْنِ فى الحُقوقِ الماليَّةِ، أو القِصاص، ونحوِه، [ممَّا يثْبُتُ] (٢٠) بشاهِدَيْنِ، أو أكثرَ من أربعةٍ، فرجعَ الزائدُ منهم قبلَ الحُكمِ والاسْتِيفاءِ (٢١)، لم يَمْنَعْ ذلك الحكمَ ولا الاسْتيفاءَ؛ لأنَّ ما بَقِىَ من الْبَيِّنَةِ كافٍ فى إثْباتِ الحُكمِ واسْتِيفائِه. وإن رجعَ بعدَ الاسْتِيفاءِ، فعليه القِصاصُ إن أقَرَّ بما يُوجِبُه، أو قِسْطُه من الدِّيةِ، أو من الْمُفَوَّتِ بشَهادتِهم إن كان غيرَ ذلك. وفى ذلك اختلافٌ سنَذكُرُه، إن شاءَ اللَّه تعالى.

١٩١٩ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بِمَالٍ، غَرِمَاهُ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا أَوْ تَالِفًا)

أمَّا كَوْنُه لا يرْجِعُ به (١) على المَحْكومِ له (١) به، فلا نَعْلمُ فيه بين أهلِ العلمِ خِلافًا، سِوَى ما حَكَيْناه عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والأوْزاعىِّ، وقد ذكرْنا الكلامَ معهما فيما مضى (٢). فأمَّا الرُّجوعُ به على الشَّاهِدَيْنِ، فهو قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وهو قولُ الشَّافعىِّ القَديمُ، وقال فى الجديدِ: لا يَرْجِعُ عليهما بشىءٍ، إِلَّا أَنْ يَشْهَدَا بعِتْقِ عبدٍ، فيَضْمَنا قِيمتَه؛ لأنَّه لم يُوجَدْ منهما إتْلاف للمالِ، ولا يَدٌ عادِيةٌ عليه، فلم يَضْمَنا، كما لو رُدَّتْ شهادتُهما. ولَنا، أنَّهما أخْرَجا مالَه من يدِه بغيرِ حَقٍّ، وحالَا


(١٩) سقط من: أ.
(٢٠) فى أ، ب، م: "فما ثبت".
(٢١) فى الأصل: "أو الاستيفاء".
(١) سقط من: أ.
(٢) تقدم فى: صفحة ٢٤٥، ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>