للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسْخٌ اسْتَحَقَّ به اسْتِرْجَاعَ العَيْنِ، فلم يَسْتَحقَّ أَخْذَ الزِّيَادَةِ المُنْفَصِلَةِ، كَفَسْخِ البَيْعِ بالعَيْبِ أو الخِيَارِ أو الإِقَالَةِ، وفَسْخِ النِّكَاحِ بِسَبَبٍ من أَسْبَابِ الفَسْخِ، وقولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الخَرَاجُ بالضَّمَانِ" (١٦). يَدُلُّ على أنَّ النَّماءَ والغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِى، لكَوْنِ الضَّمَانِ عليه، وأما الزِّيَادَةُ المُتَّصِلَةُ، فقد دَلَّلْنَا على أنَّها لِلْمُفْلِسِ أيضًا، وفى ذلك تَنْبِيهٌ على كَوْنِ المُنْفَصِلَةِ له. ثم لو سَلَّمْنَا ثَمَّ، فالفَرْقُ ظَاهِرٌ، فإنَّ المُتَّصِلَةَ تَتْبَعُ فى الفُسُوخِ والرَّدِّ بالعَيْبِ، بِخِلَافِ المُنْفَصِلَةِ، ولا يَنْبَغِى أن يَقَعَ فى هذا اخْتِلَافٌ لِظُهُورِه، وكلامُ أحمدَ، فى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، يُحْمَلُ على أنَّه بَاعَهما فى حالِ حَمْلِهما (١٧)، فيَكُونَانِ مَبِيعَيْنِ، ولهذا خَصَّ هذَيْنِ بالذِّكْرِ دُونَ بَقِيَّةِ النَّمَاءِ.

فصل: ولو اشْتَرَى أمَةً حَامِلًا، ثم أفْلَسَ وهى حَامِلٌ، فله الرُّجُوعُ فيها، إلَّا أن يكونَ الحَمْلُ قد زَادَ بِكِبَرِهِ، وكَثُرَتْ قِيمَتُها من أَجْلِه، فيكونَ من قَبِيلِ الزَّائِدِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، على ما مَضَى. وإن أَفْلَسَ بعدَ وَضْعِهَا، فقال القاضى: له الرُّجُوعُ فيهما بكلّ حالٍ، من غير تَفْصِيلٍ. والصَّحِيحُ أنَّنا إن قلْنَا: إن الحَمْلَ لا حُكْمَ له. فالوَلَدُ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، فعلَى قولِ أبى بكرٍ، لا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فيهما، وعلى قولِ غيرِه، يكونُ الوَلَدُ للمُفْلِسِ، فيَحْتَملُ أن يَمْنعَ الرُّجُوعَ فى الأُمِّ؛ لئلَّا يُفْضِى إلى التَّفْرِيقِ بين الأمِّ وَوَلَدِها، ويَحْتَمِلُ أن يَرْجِعَ فى الأمِّ، ويَدْفَعَ قِيمَةَ الوَلَدِ؛ ليكونَا جَمِيعًا.


(١٦) تقدم تخريجه عند الترمذى فى صفحة ٢٢.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فيمن اشترى عبدًا فاستعمله ثم وجد به عيبا، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٥٤، ٢٥٥. والنسائى، فى: باب الخراج بالضمان، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٢٣. وابن ماجه، فى: باب الخراج بالضمان، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٥٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٤٩، ٢٣٧.
(١٧) فى النسخ: "حملها".

<<  <  ج: ص:  >  >>