للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هانىء، إذا قال لامرأتِه: أمْرُكِ بيدِك. فقالت: قبلتُ. ليس بشىءٍ حتى تُبَيِّنَ. وقال: إذا قالت: أخذتُ أمْرِى. ليس بشىءٍ. قال: وإذا قال لامرأتِه: اخْتارِى. فقالت: قَبِلتُ نفسى. أو قالت: اخْتَرْتُ نفسِى. كان أبْيَنَ. قال القاضى: ولو قالت: اخْتَرْتُ. ولم تَقُلْ: نفسى. لم تَطْلُقْ، وإن نَوَتْ. ولو قال الزَّوجُ: اخْتارِى. ولم يَقُلْ: نفسَكِ. ولم يَنْوِه، لم تَطْلُقْ، ما لم تَذكُرْ نفسَها، ما لم يَكُنْ فى كلامِ الزَّوجِ أو جوابِها (١٢) ما يَصْرِفُ الكلامَ إليه؛ لأنَّ ذلك فى حُكْمِ التَّفسيرِ، فإذا عَرِىَ عن ذلك لم يَصِحَّ. وإن قالت: اخْتَرْتُ زوجى. أو اخْتَرْتُ البقاءَ على النِّكاحِ. أو رَدَدْتُ الخيارَ، أو رَدَدْتُ عليك سَفْهتَكَ. بَطَلَ الخيارُ. وإن قالتْ: اخْتَرْتُ أهلِى. أو أبَوَىَّ. ونَوَت، وقَعَ الطَّلاقُ؛ لأنَّ هذا يَصْلُحُ كنايةً مِنَ الزَّوجِ، فيما إذا قال: الْحَقِى بأهلِك. فكذلك منها. وإن قالت: اخْتَرْتُ الأزْواجَ. فكذلك؛ لأنَّهم لا يَحِلونَ إلَّا بمُفارقةِ هذا الزَّوجِ، ولذلك كان كنايةً منه فى قوله: انْكِحِى مَن شِئْتِ.

فصل: فإن كرَّرَ، لَفْظةَ الخيارِ، فقال: اخْتارِى، اخْتارِى، اختارى. فقال أحمدُ: إن كان إنَّما يُرَدِّدُ عليها ليُفْهِمَها (١٣)، وليس نِيَّتُه ثلاثًا، فهى واحدة، وإن كان أرادَ بذلك ثلاثًا، فهى ثلاثٌ. فرَدَّ الأمْرَ إلى نِيَّتِه فى ذلك. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قَبِلَتْ، وقَع ثلاثًا؛ لأنَّه كرَّرَ ما يَقَعُ به الطَّلاقُ، فتَكَررَ، كما لو كَرَّرَ الطَّلاقَ. ولَنا، أنَّه يَحْتمِلُ التَّأْكِيدَ، فإذا قصَدَه قُبِلَ منه، كما لو قال: أنتِ طالقٌ الطَّلاقَ. وإن أطْلَقَ، فقد رُوِىَ عن أحمدَ ما يَدل على أنَّها واحدةٌ، يَمْلِك الرَّجعةَ. وهذا اخْتيارُ القاضى، ومذهبُ عطاءٍ، وأبى ثورٍ؛ لأنَّ تكْرِيرَ (١٤) التَّخْييرِ لا يَزيدُ به الخِيَارُ، كشَرْطِ الخيارِ فى البيعِ. ورُوِىَ عن أحمدَ، إذا قال لامْرأتِه: اخْتارِى. فقالتْ: اخْتَرْتُ نفسى. هى واحدة، إلَّا أن يقولَ: اخْتارِى، اختارِى، اخْتارِى (١٥). وهذا


(١٢) فى الأصل: "وجوابها".
(١٣) فى أ، ب، م: "ليفهما".
(١٤) فى ب، م: "تكرر".
(١٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>