للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "نِعْمَ الأُضْحِيَةُ الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ" (١٩). وهو حَدِيثٌ غريبٌ. ويَحْتَمِلُ أَنَّ الثَّنِىَّ أَفْضَلُ؛ لأَنَّ (٢٠) النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال (٢١): "لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، فَإِنْ عَسُرَ عَلَيْكُمْ، فاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ". روَاه مُسْلِمٌ، وأبو داودَ (٢٢). وهذا يدُلُّ على فضلِ الثَّنِىِّ على الجَذَعِ؛ لكَوْنِه جَعَلَ الثَّنِىَّ أصْلًا والجَذَعَ بَدَلًا، لا ينتقلُ إليه إلَّا عندَ عَدَمِ الثَّنِىِّ.

فصل: ويُسَنُّ اسْتِسْمانُ الأُضْحِيَةِ واسْتِحْسانُها؛ لقولِ اللَّه تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (٢٣). قال ابنُ عبَّاسٍ: تَعْظِيمُها اسْتِسْمانُها واسْتِعْظامُها واسْتِحْسانُها (٢٤). ولأنَّ ذلك أعظمُ لأجْرِها، أكثرُ لنَفْعِها. والأَفْضَلُ فى الأُضْحِيَةِ من الغنمِ فى لَوْنِها الْبَياضُ؛ لما رُوِىَ عن مَوْلاةِ أبى وَرَقةَ بن سعيدٍ، قالتْ: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَمُ عَفْرَاءَ، أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاويْن". روَاه أحمدُ بمعناه (٢٥). وقال أبو هُريْرَةَ: دَمُ بَيْضاءَ، أحَبُّ إلى اللَّهِ من دَمِ سَوْداوَيْن (٢٦). ولأَنّه لونُ أُضْحِيَةِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم ما كان أحْسنَ لَوْنًا، فهو أَفْضَلُ.

١٧٥١ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُجْزِئُ إِلَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ، والثَّنِىُّ مِنْ غَيْرِهِ)

وبهذا قال مالِكٌ، واللَّيْثُ، والشافِعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال ابنُ عمرَ، والزُّهْرِىُّ: لا يُجْزِئُ الْجَذَعُ؛ لأنَّه لا يُجْزِئُ من غيرِ الضَّأنِ، فلا يُجْزِئُ


(١٩) أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى الجذع من الضأن. . .، من أبواب الأضاحى. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٩٨، ٢٩٩. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٤٤٥.
(٢٠) فى م: "لقول".
(٢١) سقط كما: م.
(٢٢) تقدم تخريجه، فى: ٥/ ٤٦٠.
(٢٣) سورة الحج ٣٢.
(٢٤) أخرجه الطبرى، فى: التفسير ١٧/ ١٥٦.
(٢٥) انظر: الفتح الكبير ٢/ ١١٣. وعزاه السيوطى إلى الطبرانى.
(٢٦) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب فضل الضحايا، والهدى، . . .، من كتاب المناسك. المصنف ٤/ ٣٨٧، ٣٨٨. وانظر: مسند الإمام أحمد ٢/ ٤١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>