للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن خَمْسٍ كَامِلَةٍ، فلم يَجِبْ عليه فيها شىءٌ، كما لو مَلَكَ أَرْبَعًا وجُزْءًا من بَعِيرٍ. ولَنا، أنَّ الوَاجِبَ من غَيْرِ النِّصابِ، فلم يَنْقُصْ به النِّصابُ، كما لو أدَّاهُ، وفَارَقَ سَائِرَ المالِ (١١)، فإنَّ الزكاةَ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُها بِعَيْنِه، فيَنْقُصه، كما لو أدَّاهُ من النِّصابِ، فعلَى هذا لو مَلَكَ خَمْسًا وعِشْرِينَ، فحالَتْ عليها (١٢) أحْوَالٌ، فعليه في الحَوْلِ الأوَّل بِنْتُ مَخَاضٍ، وعليه لِكُلِّ حَوْلٍ بعدَه أرْبَعُ شِيَاهٍ. وإن بَلَغَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ الواجِبَةِ أكْثَرَ من خَمْسٍ من (١٣) الإِبِلِ. فإن قيل: فإذا لم يَكُنْ في خَمْسٍ وعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ، فالواجِبُ فيها من غيرِ عَيْنِها، فيَجِبُ أنْ لا تَنْقُصَ زكاتُها أيضًا في الأحْوَالِ كلِّها. قلنا: إذا أَدَّى عن خَمْسٍ وعِشْرِينَ أكْبَرَ من بِنْتِ مَخَاضٍ، جازَ، فقد أمْكَنَ تَعَلُّقُ الزكاةِ بِعَيْنِها، لإمْكانِ الأدَاءِ منها، بِخِلافِ عِشْرِينَ من الإِبِلِ، فإنَّه لا يُقْبَلُ منه وَاحِدَةٌ منها، فافْتَرَقا.

فصل: الحُكْمُ الثَّانِي، أنَّ الزكاةَ تَجِبُ بِحُلُولِ (١٤) الحَوْلِ، سَوَاءٌ تَمَكَّنَ من الأداءِ أو لم يَتَمَكَّنْ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، وهو أحَدُ قَوْلَي الشَّافِعِيِّ. وقال في الآخَرِ: التَّمَكُّنُ من الأدَاءِ شَرْطٌ، فيُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ ثلاثةُ أشياءَ: الحَوْلُ، والنِّصابُ، والتَّمَكُّنُ من الأدَاءِ. وهذا قولُ مَالِكٍ. حتى لو أتْلَفَ الماشِيَةَ بعد الحَوْلِ قبلَ إمْكانِ الأدَاءِ لا زكاةَ عليه، إذا لم يَقْصِد الفِرَارَ من الزَّكاةِ؛ لأنَّها عِبَادَةٌ، فيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِها إمْكانُ أدَائِها كسائِرِ العِباداتِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ" (١٥). فمَفْهُومُه، وُجُوبُها عليه إذا حالَ الْحَوْلُ، ولأنَّه لو لم يَتَمَكَّنْ من الأدَاءِ حتى حالَ عليه حَوْلَانِ، وَجَبَتْ عليه زكاةُ الْحَوْلَيْنِ، ولا يجوزُ وُجُوبُ فَرْضَيْنِ في نِصابٍ واحِدٍ في حالٍ وَاحِدَةٍ،


(١١) في م: "الأموال".
(١٢) في أ، ب، م: "عليه".
(١٣) سقط من: أ، م.
(١٤) في الأصل: "بحؤول".
(١٥) تقدم تخريجه في صفحة ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>