للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخُ أبو الفَرَجِ (١٥)، في "المُبْهِجِ": يَجْعَلُ ما شَرَعَ فيه مِن الصلاةِ الثَّانِيةِ تَمَامًا للأُولَى، فَيَبْنِى إحْدَاهما على الأُخْرَى، ويكونُ وجودُ السَّلَامِ كعَدَمِه؛ لأنَّه سَهْوٌ مَعْذُورٌ فيه، وسَوَاءٌ كان ما شَرَعَ فيه نَفْلًا أو فَرْضًا. وقال الحَسَنُ، وحَمَّادُ بنُ أبي سليمانَ: [إنْ يَشْرَع في تَطَوُّعٍ بطَلتِ المَكْتُوبَةُ. وقال مالك: أحَبُّ إلىَّ أن يَبْتَدِئَها. ورُوِىَ عن أحمدَ، رحمه اللهُ، مِثْلُ قَوْلِ الحسنِ: فإنَّه قال] (١٦)، في رِوايةِ أبى الحارِثِ، إذا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ من المَغْرِبِ وسَلَّمَ ثم دَخَلَ في التَّطَوُّعِ: إنَّه بِمَنْزِلَةِ الكَلَامِ، يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ. ولَنا، أنَّه عَمِلَ عَمَلًا من جِنْسِ الصَّلَاةِ سَهْوًا، فلم تَبْطُلْ، كما لو زَادَ خَامِسَةً. وأما [إتْمامُ الأُولَى بالثانِيةِ] (١٧) فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه قد خَرَجَ [من الأُولَى بالسَّلامِ، ونِيَّةِ الخُروج منها ولم يَنْوِهَا] (١٨)، ونِيَّةُ غَيْرِها لا تُجْزِىءُ عن نِيَّتِهَا، كحَالَةِ الابتِدَاءِ.

٢١٥ - مسألة؛ قال: (ومَنْ كانَ إمَامًا فَشَكَّ، فلم يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ تَحَرَّى، فَبَنَى عَلَى أكْثَرِ وَهْمِهِ، ثم سَجَدَ بعد السَّلامِ، كما روى (١) عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-)

قولُه "على أكثر وَهْمِهِ" أي ما يَغْلِبُ على ظَنِّه أنَّه صَلَّاهُ. وهذا في الإِمامِ خاصَّةً، ورُوِىَ عن أحمدَ، رحِمَه اللهُ رِوايَةٌ أُخْرَى: أنه يَبْنِى على [غالِبِ ظَنِّه؛ إمامًا كان، أو مُنْفَرِدًا. قال، في روايةِ الأَثْرَمِ] (٢): بين التَّحَرِّى واليَقِينِ فَرْقٌ. أما


(١٥) هو عبد الواحد بن محمد الشيرازي المقدسي، من تلاميذ أبي يعلى، توفى سنة ست وثمانين وأربعمائة. انظر: مفاتيح الفقه الحنبلى ٢/ ٧١، ٧٢.
(١٦) في م: "فيمن سلم قبل إتمام المكتوبة وشرع في تطوع: يبطل المكتوبة. قال مالك: أحب إلى أن يبتدئها. ونص عليه أحمد، فقال".
(١٧) في م: "بناء الثانية على الأولى".
(١٨) في م: "من الأولى ولم ينوها بعد ذلك".
(١) في م زيادة: "عن".
(٢) سقط من: م. وجاء فيها: "اليقين ويسجد قبل السلام. . ." إلى قوله: "عدم الإِتيان بما شك فيه". وسيأتي موضعه من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>