للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجَمَّالُ؛ لأنَّ [رَبَّ المَتاعِ] (٤) لم يُسَلِّمْهُ إليه. ومذهبُ مالِكٍ والشافِعِيِّ نحوُ هذا. قال أصْحابُ الشافِعِيِّ: لو كان العَمَلُ في دُكَّانِ الأجِيرِ، والمُسْتَأْجِرُ حاضِرٌ، أو اكْتَرَاه لِيَعْمَلَ له شَيْئًا، وهو معه، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّ يَدَهُ عليه، فلم يَضْمَنْ من غير جِنَايتِه (٥)، ويَجِبُ له أجْرُ عَمَلِه؛ لأنَّ يَدَه عليه، فكلَّما عَمِلَ شَيْئًا صارَ مُسَلَّمًا إليه. فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا فَرْقَ بين كَوْنِه في مِلْكِ نَفْسِه أو مِلْكِ مُسْتَأْجِرِه، أو كان صاحِبُ العَمَلِ حاضِرًا عنده أو غائِبًا عنه، أو كَوْنِه مع المَلَّاحِ أو الجَمَّالِ أو لا. وكذلك قال ابنُ عَقِيلٍ: ما تَلِفَ بجنَايةِ المَلّاحِ بِجَذْفِه، أو بِجِنَايةِ المُكَارِى بِشَدِّه المتَاعَ، ونحوِه، فهو مَضْمُونٌ عليه، سواءٌ كان صاحِبُ المتَاعِ معه، أو لم يكُنْ؛ لأنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ عليه لجِنَايةِ يَدِه، فلا فَرْقَ بين حُضُورِ المالِكِ وغَيْبَتِه، كالعُدْوانِ، ولأنَّ جِنَايةَ الجَمّالِ والمَلَّاحِ، إذا كان صاحِبُ المتَاعِ راكِبًا معه، يَعُمُّ المتَاعَ وصاحِبَه، وتَفْرِيطَه يَعُمُّهُما، فلم يُسْقِطْ ذلك الضَّمانَ، كما لو رَمَى إنْسانًا مُتَتَرِّسًا، فكَسَرَ تُرْسَه وقَتَلَهُ، ولأنَّ الطَّبِيبَ والخَتَّانَ إذا جَنَتْ يَدَاهُما ضَمِنَا مع حُضُورِ المُطَبَّبِ والمَخْتُونِ. وقد ذَكَرَ القاضِى أنَّه لو كان جَمَّالٌ (٦) يَحْمِلُ على رَأْسِه ورَبُّ المتَاعِ معه، فعَثَرَ، فسَقَطَ المتاعُ، فتَلِفَ، ضَمِنَ، وإن سُرِقَ، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه في العِثَارِ تَلِفَ بجِنَايَتِه، والسَّرِقَةُ ليست من جِنَايَتِه، ورَبُّ المالِ لم يَحُلْ بينه وبينه. وهذا يَقْتَضِي أنَّ تَلَفه بجِنَايَتِه مَضْمُونٌ عليه، سواءٌ حَضَرَ رَبُّ المالِ أو غابَ، بل وُجُوبُ الضَّمانِ في مَحلِّ النِّزَاعِ أَوْلَى؛ لأنَّ الفِعْلَ في ذلك (٧) المَوْضِعِ مَقْصُودٌ لِفَاعِلِه، والسَّقْطَةُ من الحَمّالِ غيرُ مَقْصُودةٍ له، فإذا وَجَبَ الضَّمانُ ههُنا، فثَمَّ أَوْلَى.

فصل: وذَكَرَ القاضي أنَّه إذا كان المُسْتَأْجِرُ على حَمْلِه عَبِيدًا صِغَارًا أو كِبارًا،


(٤) في الأصل: "الحمل مسلم إليه".
(٥) في ب، م: "جناية".
(٦) في م: "ذلك".
(٧) في م زيادة: "إلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>