للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقِيلَ له: هذا الحسينُ يُشِيرُ إلى رَأْسِه. فدَعَا بِجَزُورٍ فنَحَرَها، ثم حَلَقَهُ وهو بِالسُّقْيَاءِ (٤). رَوَاهُ أبو إسحاقَ الجُوزَجَانِىّ. ولأنَّها كَفَّارَةٌ، فجَازَ تَقْدِيمُها على وُجُوبِها، ككَفَّارَة الظِّهَارِ واليَمِينِ.

٦٧٩ - مسألة؛ قال: (وكَذَلِكَ الْأَظْفَارُ)

قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أن المُحْرِمَ مَمْنُوعٌ من أخْذِ أظْفارِه، وعليه الفِدْيَةُ بأخْذِها فى قَوْلِ أكْثَرِهم. وهو قَوْلُ حَمَّادٍ، ومَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ورُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ. وعنه: لا فِدْيَةَ عليه؛ لأن الشَّرْعَ لم يَرِدْ فيه بِفِدْيَةٍ. ولَنا، أنَّه أزَالَ ما مُنِعَ إزَالَتُه لأجْلِ التَّرَفُّهِ، فوَجَبَتْ عليه الفِدْيَةُ، كحَلْقِ الشَّعْرِ. وعَدَمُ النَّصِّ فيه لا يَمْنَعُ قِياسَهُ عليه، كشَعْرِ البَدَنِ مع شَعْرِ الرَّأْسِ، والحُكْمُ فى فِدْيَةِ الأظْفارِ كَالحُكْمِ فى فِدْيَةِ الشَّعْرِ سَوَاءٌ، فى أَرْبَعَةٍ منها دَمٌ، وعنه فى ثلاثةٍ دَمٌ. وفى الظُّفْرِ الوَاحِدِ مُدٌّ من طَعَامٍ، وفى الظُّفْرَيْنِ مُدَّانِ، على ما ذَكَرْنَا من التَّفْصِيلِ والاخْتِلافِ فيه. وقَوْلُ الشَّافِعِىِّ وأبى ثَوْرٍ كذلك. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجِبُ الدَّمُ إلَّا بِتَقْلِيمِ أظْفَارِ يَدٍ كَامِلَةٍ، حتى لو قَلَّمَ من كُلِّ يَدٍ أرْبَعَةً لا يَجبُ عليه الدَّمُ؛ لأنَّه لم يَسْتَكْمِلْ مَنْفَعَةَ اليَدِ، أشْبَهَ الظُّفْرَ والظُّفْرَيْنِ. ولَنا، أنَّه قَلَّمَ مَا يَقَعُ عليه اسْمُ الجَمْعِ، أشْبَهَ ما لو قَلَّمَ خَمْسًا من يَدٍ وَاحِدَةٍ، وما قَالُوهُ يَبْطُلُ بما إذا حَلَقَ رُبْعَ رَأْسِه، فإنَّه لم يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ العُضْوِ، ويَجِبُ به الدَّمُ، وقَوْلُهُمْ يُؤَدِّى إلى أن يَجِبَ (١) الدَّمُ فى القَلِيلِ دُونَ الكَثِيرِ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّه يَتَخَيَّرُ مَن قَلَّمَ أظْفَارَه (٢) ما يَجِبُ به الدَّمُ بين الثَّلاثةِ الأشْياءِ (٣)، كما قُلْنَا فى الشَّعْرِ؛ لأنَّ


(٤) فى أ، ب، م: "بالسعياء". والسُّقْيا: منزل بين مكة والمدينة. معجم ما استعجم ٣/ ٧٤٢.
(١) فى ب، م زيادة: "به".
(٢) سقط من: أ، ب، م.
(٣) فى النسخ: "أشياء".

<<  <  ج: ص:  >  >>