للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّرْبِ، أو سَكَّتِها مُخالِفَةً لِسَكَّةِ السلطَانِ، فالعَقْدُ صحيحٌ، والمُشْتَرِى مُخَيَّرٌ بين الإِمْساكِ وبين فَسْخِ العَقْدِ والرَّدِّ، وليس له البَدَلُ؛ لأنَّ العَقْدَ واقِعٌ على عَيْنِه، فإذا أخَذَ غيرَه، أخَذَ ما لم يَشْتَرِه، وإن قلنا: إنَّ النَّقْدَ لا يَتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ فى العَقْدِ. فله أخْذُ البَدَلِ، ولا يَبْطُلُ العَقْدُ؛ لأنَّ الذى قَبَضَهُ ليس هو المَعْقُودَ عليه، فأَشْبَهَ السَّلَمَ إذا قَبَضَهُ، فوَجَدَ به عَيْبًا. وإن كان العَيْبُ فى بَعْضِه، فله رَدُّ الكُلِّ أو إمْساكُه. وهل له رَدُّ المَعِيبِ، وإمْساكُ الصَّحِيحِ؟ على وَجْهَيْنِ، بِناءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، والحُكْمُ فيما إذا كان العِوَضانِ من جِنْسٍ واحِدٍ، كالحُكْمِ فى الجِنْسَيْنِ، على ما ذَكَرْنا. لكن يَتَخَرَّجُ على قولِ من مَنَعَ بَيْعَ النَّوْعَيْنِ بِنَوْعٍ واحِدٍ من ذلك الجِنْسِ، أنَّه إذا وَجَدَ بعضَ العِوَضِ مَعِيبًا، أن يَبْطُلَ العَقْدُ فى الجَمِيعِ؛ لأنَّ الذى يُقابِلُ المَعِيبَ أقَلُّ من الذى يُقابِلُ الصَّحِيحَ، فيَصِيرُ كمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ. ومذهبُ الشَّافِعِىِّ مثلُ ما ذَكَرْنا فى هذا الفَصْلِ، سواءٌ.

فصل: ولو أرادَ أخْذَ أَرْشِ العَيْبِ، والعِوَضانِ فى الصَّرْفِ من جِنْسٍ واحِدٍ، لم يَجُزْ؛ لِحُصُولِ الزِّيادَةِ فى أحَدِ العِوَضَيْنِ، وفواتِ المُماثَلَةِ المُشْتَرَطَةِ فى الجِنْسِ الواحِدِ، وخَرَّجَ القاضى وَجْهًا بِجَوازِ أَخْذِ الأَرْشِ فى المَجْلِسِ؛ لأنَّ الزِّيادَةَ طَرَأَتْ بعد العَقْدِ، وليس لهذا الوَجْهِ وَجْهٌ. فإنَّ أَرْشَ العَيْبِ من العِوَضِ، يُجْبَرُ به فى المُرابَحَةِ، ويأْخُذُ به الشَّفِيعُ، ويَرُدُّ به (٤)، إذا رَدَّ المَبِيعَ بِفَسْخٍ، أو إقالَةٍ، ولو لم يَكُنْ من العِوَضِ، فبأىِّ شىءٍ اسْتَحَقَّهُ المُشْتَرِى؟ فإنَّه ليس بِهِبَةٍ، على أنَّ الزِّيادَةَ فى المَجْلِسِ من العِوَضِ، ولو لم يكُنْ أرْشًا، فالأَرْشُ أَوْلَى. وإن كان الصَّرْفُ بغيرِ جِنْسِه، فله أخْذُ الأَرْشِ فى المَجْلِسِ؛ لأنَّ المُماثَلَةَ غيرُ مُعْتَبَرةٍ، وتَخَلُّفُ قَبْضِ بعضِ العِوَضِ عن بعضٍ ما داما فى المَجْلِسِ، لا يَضُرُّ، فجازَ، كما فى سائِرِ البَيْعِ، وإن كان بعدَ التَّفَرُّقِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى حُصولِ التَّفَرُّقِ قبلَ القَبْضِ لأحدِ العِوَضَيْنِ، إلَّا أن يَجْعَلا الأرْشَ من غيرِ جِنْسِ الثَّمَنِ، كأنَّه أخَذَ أرْشَ عَيْبِ


(٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>