للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَطْنَ وادٍ، أو لا يَسِيرُ به لَيْلًا، مع أشْباهِ هذه الشُّرُوطِ، فتَعَدَّى ذلك، فتَلِفَ شيءٌ ممَّا حَمَلَ في ذلك التَّعَدِّي، فهو ضامِنٌ، فأمَّا غيرُ ذلك، فلا يَصِحُّ شَرْطُ الضَّمانِ فيه، وإن شَرَطَه لم يَصِحَّ الشَّرْطُ؛ لأنَّ ما لا يَجِبُ ضَمَانُه لا يُصَيِّرُه الشَّرْطُ (٦) مَضْمُونًا، وما يَجِبُ ضَمَانُه لا يَنْتَفِى ضَمَانُه بِشَرْطِ نَفْيه. وعن أحمدَ، أنَّه سُئِلَ عن ذلك، فقال: المُسْلِمُونَ على شُرُوطِهِم. وهذا يَدلُّ على نَفْىِ الضَّمَانِ بشَرْطِه، ووُجُوبِه بِشَرْطِه (٧)؛ لقَوْلِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُسْلِمُونَ على شُرُوطِهِم" (٨). فأمَّا إن أكْرَاهُ عَيْنًا، وشَرَطَ عليه أن لا يَسِيرَ بها في اللَّيْلِ، أو وَقْتَ القائِلَةِ، أو لا يَتَأَخَّرَ بها عن القافِلَةِ. أو لا يَجْعَلَ سَيْرَه في آخِرِها، أو لا يَسْلُكَ بها الطَّرِيقَ الفُلَانِيَّةَ، وأشْبَاه هذا ممَّا له فيه غَرَضٌ مُخَالِفٌ، ضَمِنَ؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ لِشَرْطِ كَرْيِه، فضَمِنَ ما تَلِفَ به، كما لو شَرَطَ عليه أن لا يَحْمِلَ عليها إلَّا قَفِيزًا، فحَمَلَ اثْنَيْنِ.

فصل: وإن كانت الإِجارةُ فاسِدَةً، لم يَضْمَنِ العَيْنَ أيضًا إذا تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطٍ ولا تَعَدٍّ؛ لأنَّه عَقْدٌ لا يَقْتَضِى الضَّمَانَ صَحِيحُه، فلا يَقْتَضِيه فاسِدُه، كالوَكَالَةِ والمُضَارَبةِ. وحُكْمُ كلِّ عَقْدٍ فاسِدٍ في وُجُوبِ الضَّمَانِ، حُكْمُ صَحِيحِه، فما وَجَبَ الضَّمانُ في صَحِيحِه وَجَبَ في فاسِدِه، وما لم يَجِبْ في صَحِيحِه لم يَجِبْ في فاسِدِه.

فصل: ولِلْمُسْتَأْجِرِ ضَرْبُ الدَّابَّةِ بِقَدْرِ ما جَرَتْ به العادَةُ، ويَكْبَحُها باللِّجَامِ لِلاسْتِصْلاحِ، ويَحُثُّها على السَّيْرِ (٩) لِيَلْحَقَ القافِلَةَ، وقد صَحَّ أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَخَسَ


(٦) في الأصل: "بالشرط".
(٧) سقط من: ب.
(٨) تقدم تخريجه في ٦/ ٣٠.
ويضاف إليه: وأخرجه الحاكم، في باب: المسلمون على شروطهم والصلح جائز، من كتاب البيوع. المستدرك ٢/ ٤٩، ٥٠. والترمذي، في باب: ما ذكر عن الرسول في الصلح بين الناس، من كتاب الأحكام. تحفة الأحوذي ٦/ ١٠٣، ١٠٤.
(٩) في الأصل: "المسير".

<<  <  ج: ص:  >  >>