للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَطتْ (٣٧) بأجْنَبِيَّاتٍ. وإن انْتَفَى عنهما جميعًا، بأن تَأْتِىَ به لدونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ من وَطْئِهِما (٣٨)، أو لأكثرَ من أرْبعِ سِنِينَ، أو لِدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ من وَطْءِ أحَدِهما، أو لأكثرَ من أربعِ سِنِينَ من وَطْءِ الآخَرِ، انْتَفَى المُرْتَضِعُ عنهما أيضًا؛ فإن كان المُرْتَضِعُ جارِيةً، حَرُمَتْ عليهما تحريمَ المُصَاهَرَةِ، ويَحْرُمُ أولادُها عليهما أيضًا؛ لأنَّها ابْنةُ مَوْطُوءٍ بهما (٣٩)، فهى رَبِيبَةٌ لهما.

فصل: ولا تَنْتَشِرُ الحُرْمةُ بغيرِ لَبَنِ الآدَمِيَّةِ بحالٍ، فلو ارْتَضَعَ اثْنانِ من لَبَنِ بَهِيمةٍ، لم يَصِيرَا أخَويْنِ، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ منهم الشافعيُّ، وابنُ القاسمِ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ. ولو ارْتَضَعا من رَجُلٍ، لم يَصِيرَا أخَوَيْنِ، ولم تَنْتَشِر الحُرْمةُ بينَه وبينَهما، في قول عامَّتِهم. وقال الْكَرَابِيسِيُّ (٤٠): يتَعَلَّقُ به التَّحْرِيمُ؛ لأنَّه لَبَنُ آدَمِيٍّ، أشْبَهَ لَبَنَ الآدَمِيَّةِ (٤١). وحُكِىَ عن بعضِ السَّلَفِ، أنَّهما إذا ارْتَضَعا من لَبَنِ بهيمةٍ، صارا أخَوَيْنِ. وليس بصحيحٍ؛ لأنَّ هذا لا (٤٢) يتعَلَّقُ به تَحْريمُ الأُمُومةِ، فلا يَثْبُتُ به تَحْريمُ الأُخُوَّةِ، لأنَّ الأُخُوَّةَ فَرْعٌ على الأُمُومةِ، وكذلك لا يتَعَلَّقُ به تَحْريمُ الأُبوَّةِ لذلك، ولأنَّ هذا اللَّبَنَ لم يُخْلَقْ لغِذَاءِ المَوْلُودِ، فلم (٤٣) يتَعَلَّقْ به التَّحْرِيمُ، كسائرِ الطَّعامِ. فإن ثابَ لخُنْثَى مُشْكِلٍ لَبَنٌ، لم يَثْبُتْ به التَّحْريمُ؛ لأنَّه لم يثْبُتْ كَوْنُه امرأةً، فلا يثْبُتُ التَّحْريمُ مع الشَّكِّ. وقال ابنُ حامدٍ: يَقِفُ الأمرُ حتى يَنْكَشِفَ أمرُ الخُنْثَى.


(٣٧) في م: "اختلفت".
(٣٨) في أ، ب: "وطئها".
(٣٩) في م: "بينها".
(٤٠) الكرابيسي: نسبة إلى بيع الثياب. وهو أبو على الحسين بن على الكرابيسي البغدادي الشافعي، كان يحسن الفقه والحديث، وهو ممن جمع وصنف، وتوفى سنة خمس وأربعين ومائتين. وقيل: سنة ثمان وأربعين. طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ١١٧ - ١٢٦.
(٤١) في ب: "الآدميات".
(٤٢) سقط من: م.
(٤٣) في ب: "فلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>