للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فإنْ حَلَفَ لا يأْكُلُ قُوتًا، فأكَلَ خبزًا، أو تمرًا، أو زَبِيبًا، أو لَحْمًا، أو لَبَنًا، حَنِثَ؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ من هذه يُقْتاتُ فى بعضِ البُلدانِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَحْنَثَ إِلَّا بأَكْلِ ما يقْتاتُه أهلُ بَلَدِه؛ لأَنَّ يَمِينَه تَنْصَرِفُ إلى القُوتِ المُتعارَفِ عندَهم وفى (٥٦) بَلَدِهم. ولأصْحابِ الشافِعِىِّ وَجْهان كهذَيْن. وإِنْ أَكَلَ سَوِيقًا، أو اسْتَفَّ دَقِيقًا، حَنِثَ؛ لأنَّه (٥٧) يُقْتاتُ كذلك، ولهذا قال بعضُ اللُّصوصِ (٥٨):

لا تَخْبِزَا خُبْزًا وبُسَّابَسَّا

ولا تُطِيلَا بمُقامٍ حَبْسَا

وإِنْ أَكَلَ حَبًّا يُقْتاتُ خُبْزُه، حَنِثَ؛ لأنَّه يُسَمَّى قوتًا، ولذلك رُوِىَ (٥٩) أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَدَّخِرُ قُوتَ عِيالِه سَنَةً (٦٠). وإنَّما يُدَّخَرُ الحَبُّ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَحْنَثَ؛ لأنَّه لا يُقْتاتُ كذلك. وإِنْ أكل عِنَبًا، أو حِصْرِمًا، أو خَلًّا، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه لم يَصِرْ قُوتًا.

فصل: وإِنْ حَلَفَ لا يَمْلِكُ مالًا، حَنِثَ بِمِلْكِ كُلِّ ما يُسَمَّى مالًا، سواءٌ كان من الأثْمانِ، أو غيرِها من العقارِ والأثاثِ والحيوانِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وعن أحمدَ، أنَّه إذا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بجميعِ مالِه، إنَّما يتناوَلُ نَذْرُه الصَّامِتَ من مالِه. ذكرَها ابنُ أبى موسى؛ لأَنَّ إطْلاقَ المالِ ينْصَرِفُ إليه. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَ (٦١) مالًا زَكَوِيًّا، اسْتِحْسانًا؛ لأنَّ اللَّه تعالَى قال: {وَفِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (٦٢). فلم (٦٣) يَتَناوَلْ إِلَّا الزَّكَوِىَّ (٦٤). ولَنا، أَنَّ غيرَ الزَّكَوِيَّةِ أموالٌ، قال اللَّه تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا


(٥٦) سقطت الواو من: م.
(٥٧) فى م زيادة: "لا".
(٥٨) الرجز فى: الحيوان ٤/ ٤٩٠، ٤٩١، الصحاح ٢/ ٨٧٣، مقاييس اللغة ٢/ ٢٤٠، اللسان والتاج (خ ب ز) وفيهما: "نُسًّانَسًّا"، واللسان (ب س س). وانظر: معجم الشعراء ٤٧٦، والمخصص ٧/ ١٢٧.
(٥٩) فى م: "يروى".
(٦٠) فى م: "لسنة". وتقدم تخريجه، فى: ١٣/ ٣٥٨، ٣٥٩.
(٦١) فى م: "ملك".
(٦٢) سورة الذاريات ١٩.
(٦٣) فى ب: "فلا".
(٦٤) فى أ، ب، م: "الزكوية".

<<  <  ج: ص:  >  >>