للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضْمَنُه أحدٌ؛ لأنَّه شارَكَ في إتْلافِ حَقِّه، فلم يَضْمَنْ ما قابَلَ فِعْلَه، كما لو شارَكَ في قَتْلِ بَهِيمَتِه أو عَبْدِه. وهذا الذي ذكَرَه القاضي في "المُجَرّدِ"، ولم يَذْكُرْ غيرَه. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ. الثالث، أنْ يُلْغَى فِعْلُ المَقْتُولِ في نَفْسِه، وتَجِبَ دِيَتُه بكَمالِها على عاقلةِ الآخَرَيْن نِصْفَيْنِ. قال أبو الخَطَّابِ: هذا قِياسُ المَذْهَبِ، بِناءً على مسألةِ المُتَصَادِمَيْنِ. والذي ذكَرَه القاضي أحْسَنُ، وأصَحُّ في النَّظَرِ، وقد رُوِىَ نحوُه عن عليٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، في مسألة القارِصَةِ والقامِصَةِ والواقِصَةِ، قال الشَّعْبِىُّ: وذلك أنَّ ثلاثَ جَوَارٍ اجْتَمَعْنَ فأَرِنَّ (٦)، فرَكِبَتْ إحْداهُنَّ على عُنْقِ أُخْرَى، وقَرَصَتِ الثالثةُ المَرْكُوبةَ، فقَمَصَتْ، فسَقَطَتِ الرَّاكِبَةُ، فوُقِصَتْ عُنُقُها، فماتَتْ، فرُفِعَ ذلك إلى عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، فقَضَى بالدِّيَةِ أثْلاثًا على عَواقِلِهنَّ، وألْغَى الثُّلثَ الذي قابَلَ فِعْلَ الواقِصَةِ؛ لأنَّها أعانَتْ على قَتْلِ نَفْسِها (٧). وهذه شَبِيهةٌ بمَسْأَلَتِنا، ولأنَّ المَقْتُولَ مُشارِكٌ في القَتْلِ، فلم تكْمُلِ الدِّيَةُ على شَرِيكَيْه، كما لو قَتَلُوا واحدًا من غيرِهم. وإن رَجَعَ الحَجَرُ، فقَتَلَ اثنَيْنِ من الرُّماةِ، فعلَى الوَجْهِ الأوَّلِ، تَجِبُ دِيَتُهما على عواقِلِهما أثْلاثًا، وعلى كل واحدٍ كَفَّارَتانِ. وعلى الوَجْهِ الثاني، تَجِبُ على عاقلةِ الحَىِّ منهم، لكلِّ مَيِّتٍ ثُلثُ دِيَتِهِ، وعلى عاقلةِ كلِّ واحدٍ من المَيِّتَيْنِ ثُلثُ دِيَةِ صاحِبِه، ويُلْغَى فِعْلُه في نَفْسِه. وعلى الوَجْهِ الثالثِ، على عاقلةِ الحَىِّ لكلِّ واحدٍ من المَيِّتَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ، ويَجِبُ على عاقلةِ كلِّ واحدٍ من المَيِّتَيْنِ نصفُ الدِّيةِ لِصَاحِبِه.

١٤٨١ - مسألة؛ قال: (وَإنْ كَانُوا أكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ في أمْوَالِهِمْ)

هذا هو الصَّحِيحُ في المذهبِ، سواءٌ كان المَقْتُولُ منهم أو مِن غيرِهم، إلَّا أنَّه (١) إذا كان منهم، يكونُ فِعْلُ المَقْتولِ في نفسِه هَدْرًا؛ لأنَّه لا يَجِبُ عليه لنفسِه شيءٌ، ويكونُ


(٦) فأرِنَّ: أي نَشِطْنَ.
(٧) انظر: الإرواء ٧/ ٣٠٠.
(١) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>