للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَحَالفَا، كسَائِر ما قَدَّمْنَا اخْتِلَافَهما فيه، والمُتَبايِعَانِ يَرْجِعَانِ إلى رُءُوسِ أمْوَالِهما، بخِلَافِ ما نحن فيه.

فصل: وإن ادَّعَى العامِلُ رَدَّ المالِ، فأنْكَرَ رَبُّ المالِ، فالقولُ قولُ رَبِّ المالِ مع يَمِينِه. نَصَّ عليه أحمدُ. ولأَصْحابِ الشَّافِعِىِّ وَجْهانِ؛ أحَدُهما كقَوْلِنا. والآخَرُ: يُقْبَلُ قَوْلُه؛ لأنَّه أمِينٌ، ولأنَّ مُعْظَمَ النَّفْعِ لِرَبِّ المالِ، فالعامِلُ كالمُودَعِ. ولَنا، أنَّه قَبَضَ المالَ لِنَفْعِ نَفْسِه، فلم يُقْبَلْ قَوْلُه في الرَّدِّ، كالمُسْتَعِيرِ، ولأنَّ رَبَّ المالِ مُنْكِرٌ، والقولُ قولُ المُنْكِرِ. وفارَقَ المُودَعَ؛ فإنَّه لا نَفْعَ له في الوَدِيعَةِ. وقولُهم: إنَّ مُعْظَمَ النَّفْعِ لِرَبِّ المالِ. يَمْنَعُه، وإن سُلِّمَ إلَّا أنَّ المُضَارِبَ لم يَقْبِضْه إلَّا لِنَفْعِ نَفْسِه، ولم يَأْخُذْه لِنَفْعِ رَبِّ المالِ.

فصل: وإن قال: رَبحْتُ ألْفًا. ثم قال: خَسِرْتُ ذلك. قُبِلَ قَوْلُه؛ لأنَّه أمِينٌ يُقْبَلُ قولُه في التَّلَفِ، فقُبِلَ قولُه (١٢) في الخَسارَةِ، كالوَكِيلِ. وإن قال: غَلِطْتُ أو نَسِيتُ. لم يُقْبَلْ قولُه؛ لأنَّه مُقِرٌّ بحَقٍّ لآدَمِىٍّ، فلم يُقْبَلْ قولُه في الرُّجُوعِ، كما لو أقَرَّ بأن رَأْسَ المالِ أَلْفٌ ثم رَجَعَ. ولو أنَّ العامِلَ خَسِرَ، فقال لِرَجُلٍ: أقْرِضْنِى ما أُتَمِّمُ به رَأْسَ المالِ لأَعْرِضَهُ على رَبِّه، فإننى أخْشَى أن يَنْزِعَهُ مِنِّى إن عَلِمَ بالخَسَارَةِ. فأقْرَضَهُ، فعَرَضَهُ على رَبِّ المالِ، وقال: هذا رَأْسُ مالِكَ. فأخَذَه، فله ذلك. ولا يُقْبَلُ رُجُوعُ العامِلِ عن إقْرَارِه إن رَجَعَ. ولا تُقْبَلُ شَهَادَةُ المُقْرِضِ له؛ لأنَّه يَجُرُّ إلى نَفْسِه نَفْعًا. وليس له مُطَالَبَةُ رَبِّ المالِ؛ لأنَّ العامِلَ مَلَكَهُ بالقَرْضِ، ثم سَلَّمَهُ إلى رَبِّ المالِ، ولكن يَرْجِعُ المُقْرِضُ على العامِلِ لا غيرُ.

فصل: وإذا دَفَعَ رَجُلٌ إلى رَجُلَيْنِ مالًا قِرَاضًا على النِّصْفِ، فنَضَّ المالُ، وهو ثلاثةُ آلافٍ، فقال رَبُّ المالِ: رَأْسُ المالِ أَلْفانِ، فصَدَّقَهُ أحَدُهما، وقال الآخَرُ: بل هو أَلْفٌ. فالقولُ قولُ المُنْكِرِ مع يَمِينِه. فإذا حَلَفَ أنَّ رَأْسَ المالِ ألْفٌ والرِّبْحَ ألْفانِ،


(١٢) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>