للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا ضَمِنَ الدَّيْنَ الحالَّ مُؤَجَّلًا، صَحَّ، ويكونُ حَالًّا على المَضْمُونِ عنه مُؤَجَّلًا على الضَّامِنِ، يَمْلِكُ مُطَالَبَةَ المَضْمُونِ عنه دون الضَّامِنِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. قال أحمدُ، في رَجُلٍ ضَمِنَ ما على فُلَانٍ أن يُؤَدِّيَهُ في ثَلَاثِ سِنِينَ: فهو عليه، ويُؤَدِّيه كما ضَمِنَ. وَوَجْهُ ذلك: ما رَوَى ابنُ عَبَّاسٍ، أنَّ رجلًا لَزِمَ غَرِيمًا له بِعَشرَةِ دَنَانِيرَ، على عَهْدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: ما عِنْدِى شَىْءٌ أُعْطِيكَهُ (٤٧). فقال: واللَّه لا أُفَارِقَنَّكَ (٤٨) حتى تَقْضِيَنِي أو تَأْتِيَنِي بِحَميلٍ. فَجَرَّهُ إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَمْ تَسْتَنْظِرهُ؟ " قال: شَهْرًا. قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَأنَا أَحْمِلُ". فجاءَ به (٤٩) في الوَقْتِ الذي قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مِنْ أيْنَ أَصَبْتَ هذَا؟ " قال: من مَعْدِنٍ. قال: "لَا خَيْرَ فِيهَا". وقَضَاهَا عنه. رواهُ ابنُ ماجَه، في "سُنَنِه" (٥٠). ولأنَّه ضَمِنَ مَالًا بِعَقْدٍ مُؤَجَّلٍ، فكان مُؤَجَّلًا كالبَيْعِ. فإن قيل: فعندَكم الدَّيْنُ الحالُّ لا يَتَأَجَّلُ، فكيف يَتَأَجَّلُ على الضَّامِنِ؟ أم كيف يَثْبُتُ في ذِمَّةِ الضَّامِنِ على غير الوَصْفِ الذي يَتَّصِفُ به في ذِمَّةِ المَضْمُونِ عنه؟ قُلْنا: الحَقُّ يَتَأَجَّلُ في ابْتِدَاءِ ثُبُوتِه، إذا كان ثُبُوتُه (٥١) بِعَقْدٍ، وهذا ابْتِدَاءُ ثُبُوتِه في حَقِّ الضَّامِنِ، فإنَّه لم يكُنْ ثَابِتًا عليه حالًّا، ويجوزُ أن يُخالِفَ ما في ذِمَّةِ الضَّامِنِ ما في ذِمَّةِ المَضْمُونِ عنه، بِدَلِيلِ ما لو مَاتَ المَضْمُونُ عنه والدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ. إذا ثَبَتَ هذا، وكان الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا (٥٢) [إلى شَهْرٍ] (٥٣)، فضَمِنَهُ إلى شَهْرَيْنِ، لم يكُنْ له مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ إلى شَهْرَيْنِ، فإن قَضَاهُ قبل الأَجَلِ، فله الرُّجُوعُ به


(٤٧) في الأصل: "أعطيك".
(٤٨) في الأصل: "فارقتك". وفي سنن ابن ماجه: "أفارقك".
(٤٩) سقط من: أ، م. وفي السنن: "فجاءه".
(٥٠) في: باب الكفالة، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٠٤.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في استخراج المعادن، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢١٧، ٢١٨.
(٥١) سقط من: م.
(٥٢) في أ: "حالا".
(٥٣) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>