للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روَاه البُخارِيُّ، وأبو داودَ. وعن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه (٦) قال: من السُّنَّةِ أنْ لا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بكافرٍ. روَاه الإِمامُ أحمدُ (٧). ولأنَّه مَنْقُوصٌ بالكُفْرِ، فلا يُقْتَلُ به المُسْلِمُ، كالمُسْتَأْمنِ، والعموماتُ مَخْصُوصاتٌ بحدِيثِنا، وحديثُهم ليس له إسنادٌ. قالَه أحمدُ. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: يَرْوِيه ابن البَيْلَمانِيِّ، وهو ضعيفٌ إذا أَسْنَدَ، فكيف إذا أَرْسَلَ (٨)؟ والمعنى في المُسْلمِ أنَّه مكافِئٌ للمُسْلِمِ، بخلافِ الذِّمِّيِّ، فأمَّا المُسْتَأْمنُ، فوافَقَ أبو حنيفةَ الجماعةَ في أنَّ المُسْلِمَ لا يُقادُ به، وهو المشهورُ عن أبي يوسفَ. وعنه: يُقْتَلُ به؛ لما سَبَقَ في الذِّمِّيِّ. ولَنا، أنَّه ليس بمَحْقُونِ الدَّمِ على التّأْبِيدِ، فأشْبهَ الحَرْبِيَّ، مع ما ذكَرْنا من الدَّلِيلِ في التي قبلَها.

فصل: فإن قَتَلَ كافرٌ كافِرًا ثم أسْلَم القاتلُ، أو جَرَحَه ثم أسْلَمَ الجارحُ، ومات المجروحُ. فقال أصحابُنا: يُقْتَصُّ منه. وهو قول الشافعيِّ؛ لأنَّ القِصاصَ عُقوبةٌ، فكان الاعتبارُ فيها بحالِ وُجُوبِها دُونَ حالِ اسْتِيفائِها، كالحُدُودِ، ولأنَّه (٩) حَقٌّ وَجَبَ عليه قبلَ إسْلامِه، فلم يَسْقُطْ بإسْلامِه، كالدَّيْنِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُقْتَلَ به. وهو قولُ الأوْزَاعيِّ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ (١٠) بكافرٍ". ولأنَّه مُؤْمِنٌ، فلا يُقْتَلُ بكافرٍ، كما لو كان مُؤْمِنًا حالَ قَتْلِه، ولأنَّ إسْلامَه لو قارَنَ السَّبَبَ، مَنَعَ عَمَلَه، فإذا طَرَأَ، أسَقَطَ (١١) حُكْمَه.

فصل: وإن جَرَحَ مُسْلمٌ كافرًا، فأسْلَمَ المَجْرُوحُ، ثم مات مُسْلِمًا بسِرَايةِ


(٦) سقط من: م.
(٧) أخرجه الدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني ٣/ ١٣٤. وابن أبي شيبة، في: باب من قال: لا يقتل مسلم بكافر، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ٢٩٥. وليس في المسند. انظر: الإرواء ٧/ ٢٦٧.
(٨) انظر موضع تخريج الحديث من سنن الدارقطني ٣/ ١٣٥.
(٩) سقطت الواو من: م.
(١٠) في الأصل: "مؤمن". وهي رواية.
(١١) في م: "سقط".

<<  <  ج: ص:  >  >>