للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَقْطَعْ؛ لأنَّهم رَضُوا بِتَأْخِيرِ حُقُوقِهِم لِحَظٍّ يَحْصُلُ لهم، والمُفْلِسُ (١٩) يَطْلُبُ ما فيه ضَرَرٌ بِنَفْسِه، ومَنْعٌ لِلْغُرَمَاءِ من اسْتِيفَاءِ القَدْرِ الذى يَحْصُلُ من الزِّيَادَةِ بالتَّأْخِيرِ، فلا يَلْزَمُ الغُرَمَاءَ إجَابَتُه إلى ذلك.

فصل: إذا أقَرَّ الغُرَمَاءُ بأن الزَّرْعَ أو الطَّلْعَ لِلْبَائِعِ، ولم يَشْهَدُوا به، أو شَهِدُوا به ولم يَكُونُوا عُدُولًا، أو لم يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمْ. حَلَف المُفْلِسُ، وثَبَتَ الطَّلْعُ له، يَنْفَرِدُ به دُونَهُم؛ لأنَّهم يُقِرُّونَ أنَّهم لا حَقَّ لهم فيه. فإن أرَادَ دَفْعَهُ إلى أحَدِهِم وتَخْصِيصَه بثَمَنِه، فله ذلك؛ لإِقْرَارِ بَاقِيهِم بِعَدَمِ حَقِّهِمْ فيه، فإن امْتَنَعَ ذلك الغَرِيمُ مِن قَبُولِه، أُجْبِرَ على قَبُولِه، أو الإِبرَاءِ من قَدْرِه من دَيْنِه، فيُقَالُ له: إمَّا أن تَقْبِضَهُ، وإمَّا أن تُبْرِىءَ مِن قَدْرِ ذلك مِن دَيْنِك، وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه مَحْكُومٌ به على المُفْلِسِ، فكان له أن يَقْضِىَ دَيْنَه منه، كما لو أَدَّى المُكَاتَبُ إلى سَيِّدِه نُجُومَ كِتَابَتِه، فقال سَيِّدُه: هذا حَرَامٌ. وأنْكَرَ المُكَاتَبُ. وإن أرَادَ قِسْمَتَهُ على الغُرَمَاء، لَزِمَهم قَبُولُه، أو الإِبرَاءُ؛ لذلك. فإن قَبَضُوا الثَّمَرةَ بِعَيْنِها، لَزِمَهُمْ رَدُّ ما حَصَلَ لهم إلى البائِعِ؛ لأنَّهم يُقِرُّونَ له بها، فلَزِمهم دَفْعُها إليه، كما لو أقَرُّوا بِعِتْقِ عَبْدٍ فى مِلْكِ غيرِهم، ثم اشْتَرَوْهُ منه. وإن بَاعَ الثَّمرَةَ، وفَرَّقَ ثَمَنَها فيهم، أو دَفَعَهُ إلى بَعْضِهِم، لم يَلْزَمْهم رَدُّ ما أخَذُوا من ثَمنِها؛ لأَنَّهم إنَّما اعْتَرَفُوا بالعَيْنِ، لا بِثَمَنِها. وإن شَهِدَ بعضُ الغُرَمَاءِ دَونَ بعضٍ، أو أَقَرَّ بعضُهم دُونَ بعضٍ، لَزِمَ الشَّاهِدَ أو المُقِرَّ الحُكْمُ الذى ذَكَرْنَاهُ، دون غيرِه. وإن عَرَضَ عليهم المُفْلِسُ الثَّمَرةَ بِعَيْنِها، فأبَوْا أخْذَها، لم يَلْزَمُهم ذلك؛ لأنَّه إنَّما يَلْزَمُهم الاسْتِيفاءُ من جِنْسِ دُيُونِهم، إلَّا أن يكون فيهم مَن له جِنْسٌ من الثَّمَرِ أو الزَّرْعِ، كالمُقْرِضِ أو المُسْلِمِ، فيَلْزَمُه أخْذُ ما عُرِضَ عليه، إذا كان بِصِفَةِ حَقِّه. ولو أقَرَّ الغُرَمَاءُ بأنَّ المُفْلِسَ أعْتَقَ عَبْدًا


(١٩) فى م: "وللمفلس".

<<  <  ج: ص:  >  >>