للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبو حنيفةَ: لا خِيارَ له؛ لأنَّ الكَفاءةَ غيرُ مُعْتَبَرةٍ فى جانبِ المَرْأةِ، ولأنَّه (٤٤) يَمْلِكُ الطَّلاقَ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ غُرَّ فيه أحدُ الزَّوْجَيْنِ بحُرِّيَّةِ الآخَرِ، فثَبَتَ له الخِيارُ كالآخَر (٤٥)، ولأنَّ (٤٦) الكفاءةَ وإن لم تُعْتَبَرْ فإنَّ عليه ضَرَرًا فى اسْتِرْقاقِ وَلَدِه، ورِقِّ امْرَأتِه، وذلك أعْظَمُ من فَقْدِ الكَفاءةِ. وأمَّا الطَّلاقُ فلا يَنْدَفِعُ (٤٧) به الضَّرَرُ؛ فإنَّه يُسْقِطُ (٤٨) نِصْفَ المُسَمَّى، والفَسْخُ يُسْقِطُ جَمِيعَه، فإذا فَسَخَ قبلَ الدُّخُولِ فلا مَهْرَ لها، وإن رَضِىَ بالمُقامِ معها، فله ذلك؛ لأنَّه يَحِلُّ له نِكاحُ الإِمَاءِ، وما وَلَدَتْ بعدَ ذلك فهو رَقِيقٌ لسَيِّدِها؛ لأنَّ المانِعَ من رِقِّهِم فى الغُرُورِ اعْتِقادُ الزَّوْجِ حُرِّيَّتَها، وقد زال ذلك بالعِلْمِ. ولو وَطِئَها قبلَ عِلْمِه، فعَلِقَتْ منه، ثم عَلِمَ قبلَ الوَضْعِ، فهو حُرٌّ؛ لأنَّه وَطِئَها يَعْتَقِدُ حُرِّيَّتَها.

فصل: والحكمُ فى المُدَبَّرةِ وأُمِّ الوَلَدِ والمُعْتَقةِ بصِفَةٍ، كالأمَةِ القِنِّ؛ لأنَّها ناقصةٌ بالرِّقِّ، إلَّا أَنَّ وَلَدَ أُمِّ الوَلَدِ والمُدَبَّرةِ يُقَوَّمُ كأنَّه عَبْدٌ له حُكْمُ أُمِّه، وكذلك مَنْ أُعْتِقَ بعضُها، إلَّا أنَّه إذا فَدَىَ الوَلَدَ، لم يَلْزَمْهُ إلَّا فِداءُ ما فيه من الرِّقِّ؛ لأنَّ بَقِيَّتَه حُرٌّ بحُرِّيَّةِ أُمِّه، لا باعْتِقادِ الوَاطِئ (٤٩). فإن كانت مُكَاتَبةً فكذلك، إلَّا أنَّ مَهْرَها؛ لأنَّه مِن كَسْبِها، كسْبُها لها. وتَجِبُ قِيمَةُ وَلَدِها، على الرِّوايةِ المشهورةِ. قال أبو بكرٍ: ويكونُ ذلك لها تَسْتَعِينُ به فى كِتَابَتِها. فإن كان الغُرُورُ منها، فلا شىءَ لها، إذ لا فائدةَ فى إيجابِ شىءٍ لها يَرْجِعُ به عليها، وإن كان الغُرُورُ من غيرِها، غَرِمَه لها، ويَرْجِعُ به (٥٠) على مَنْ غَرَّه.


(٤٤) فى ب، م: "لأنه".
(٤٥) فى الأصل: "كالأحرار".
(٤٦) فى ب: "وإن"، وفى م: "فإن".
(٤٧) فى ب: "يدفع".
(٤٨) فى م: "سقط".
(٤٩) فى أ، م: "الوطء".
(٥٠) فى أ، ب: "ورجع".

<<  <  ج: ص:  >  >>