للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهِرُه الجَوازُ إذا لم يكُنْ حِيلَةً. وهذا أصَحُّ؛ لأنَّه أجْنَبِىٌّ، لكنْ لا يَخْتَصُّ هذا بِغُلامِ دُكَّانِه، بل متى فَعَلَ هذا على وجه الحِيلَةِ لم يَجُزْ، وكان حَرامًا وتَدْلِيسًا، على ما ذَكَرْنا من قبلُ.

فصل: فإن اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ، ثم باعَه بخَمْسَةَ عَشَرَ، ثم اشْتَراه بِعَشَرَةٍ، اسْتُحِبَّ أنْ يُخْبِرَ بالحال على وَجْهِه، فإنْ أخْبَرَ أنَّه اشْتَراه بِعَشَرَةٍ، ولم يُبَيِّنْ، جازَ. وهو قولُ الشَّافِعِىِّ، وأبى يوسُفَ، ومحمدٍ، لأنَّه صادِقٌ فيما أخْبَرَ به، وليس فيه تُهْمَةٌ، ولا تَغْرِيرٌ بالمُشْتَرِى. فأشْبه ما لو لم يَرْبَحْ فيه. ورُوِىَ عن ابن سِيرِينَ، أنَّه يَطْرَحُ الرِّبْحَ من الثَّمَنِ، ويُخْبِرُ أنَّ رَأْسَ مالِه عليه خَمْسَةٌ. وأعْجَبَ أحمدَ قولُ ابن سِيرِينَ، قال: فإنْ باعه على ما اشْتَراهُ، يُبَيِّنُ أمْرَه. يعنى يُخْبِرُ أنَّه رَبِحَ فيه مَرَّةً، ثم اشْتَراه. وهذا مَحْمُولٌ على الاسْتِحْبابِ؛ لما ذَكَرْناه. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ بَيْعُه مُرابَحَةً، إلَّا أنْ يُبَيِّنَ أمْرَه، [أو يُخْبِرَ] (٨) أنَّ رَأْسَ مالِه عليه خَمْسَةٌ. وهذا قولُ القاضِى وأصْحابِه؛ لأنَّ المُرابَحَةَ تُضَمُّ فيها العُقُودُ، فيُخْبِرُ بما تَقَوَّمَ عليه، كما تُضَمُّ أُجْرَةُ الخَيَّاطِ والقَصَّارِ. وقد اسْتَفادَ (٩) بهذا العَقْدِ الثانى تَقْرِيرَ الرِّبْحِ فى العَقْدِ الأوَّلِ؛ لأنَّه أمِنَ أن يَرُدَّه عليه، ولأنَّ الرِّبْحَ أحَدُ نَوْعَىِ النَّماءِ، فوَجَبَ أنْ يُخْبِرَ به فى المُرابَحَةِ، كالوَلَدِ والثَّمَرَةِ. فعلى هذا يَنْبَغِى أنَّه إذا طَرَحَ الرِّبْحَ من الثَّمَنِ الثانى يقول: تَقَوَّمَ عَلَىَّ بِخَمْسَةٍ. ولا يجوزُ أنْ يقولَ: اشْريْتُه بِخَمْسَةٍ. لأنَّ ذلك كَذِبٌ، والكَذِبُ حَرَامٌ، ويَصِيرُ كما لو ضَمَّ أُجْرَةَ القِصارَةِ والخِياطَةِ إلى الثَّمَنِ، وأخْبَرَ به. ولَنا، ما ذَكَرْناه فيما تَقَدَّمَ. وما ذَكَرُوه من ضَمِّ القصارَةِ والخِياطَةِ والوَلَدِ والثَّمَرَةِ فشىءٌ بَنَوْه على أصْلِهِمْ، لا نُسَلِّمُه، ثم لا يُشْبِه هذا ما ذَكَرَه؛ لأنَّ المُؤْنَةَ والنَّماءَ لَزِماه فى هذا البَيْعِ الذى يَلِى المُرابَحَةَ، وهذا الرِّبْحُ فى عَقْدٍ آخَرَ قبل هذا الشِّراءِ، فأشْبَه الخَسارَةَ فيه. وأمَّا تَقْرِيرُ الرِّبْحِ، فغيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ


(٨) سقط من: الأصل.
(٩) فى الأصل: "استعاد".

<<  <  ج: ص:  >  >>