للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فإن فَكَّرَ فأنْزَلَ، فلا شىءَ عليه؛ فإنَّ الفِكْرَ يَعْرِضُ لِلإِنْسانِ من غير إرَادَةٍ ولا اخْتِيَارٍ، فلم يَتَعَلَّقْ به حُكْمٌ، كما فى الصيامِ، وقد قال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ اللهَ تَجَاوَزَ [لِأُمَّتِى مَا] (٣) حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ، أوْ تَكَلَّمْ بِهِ". مُتَّفَقٌ عليه (٤).

فصل: والعَمْدُ والنِّسْيَانُ فى الوَطْءِ سَوَاءٌ. نَصَّ عليه أحمدُ. فقال: إذا جَامَعَ أهْلَه بَطَلَ حَجُّهُ؛ لأنَّه شىءٌ لا يَقْدِرُ على رَدِّهِ، والشَّعْرُ إذا حَلَقَهُ، فقد ذَهَبَ، لا يَقْدِرُ على رَدِّهِ، والصَّيْدُ إذا قَتَله، فقد ذَهَبَ، لا يَقْدِرُ على رَدِّهِ، فهذه الثَّلَاثَةُ العَمْدُ والنِّسْيَانُ فيها سَوَاءٌ. ولم يَذْكُر الخِرَقِىُّ النِّسْيَانَ هاهُنا، ولكنْ ذَكَرَهُ فى الصيامِ، وَبيَّنَ أنَّ الوَطْءَ فى الفَرْجِ أو دونَ الفَرْجِ مع الإِنْزَالِ يَسْتَوِى عَمْدُهُ وسَهْوُهُ، وما عَدَاهُ من القُبْلَةِ واللَّمْسِ والمَذْىِ بتَكْرَارِ النَّظَرِ يَخْتَلِفُ حُكْمُ عَمْدِهِ وسَهْوِهِ، فهاهُنا يَنْبَغِى أن يكونَ مِثْلَهُ؛ لأنَّ الوَطْءَ لا يكادُ يَتَطَرَّقُ النِّسْيَانُ إليه دونَ غيرهِ، ولأنَّ الجِمَاعَ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ (٥) دونَ غيره، فاسْتَوَى عَمْدُهُ وسَهْوُهُ، كالفَوَاتِ، بِخِلَافِ ما دونَه. والجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ والمُكْرَهُ فى حُكْمِ النَّاسِى؛ لأنَّه مَعْذُورٌ. وممَّن قال: إنَّ


(٣) فى م: "عن أمتى ما". وفى الأصل، أ: "لأمتى عما".
(٤) أخرجه البخارى، فى: باب الخطأ والنسيان فى العتاقة. . .، من كتاب العتق، وفى: باب الطلاق فى الإغلاق. . .، من كتاب الطلاق، وفى: باب إذا حنث ناسيا فى الأيمان. . .، من كتاب الأيمان والنذور. صحيح البخارى ٣/ ١٩٠، ٧/ ٥٩، ٨/ ١٦٨. ومسلم، فى: باب تجاوز اللَّه عن حديث النفس. . .، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم ١/ ١١٦، ١١٧.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الوسوسة بالطلاق، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٢. والترمذى، فى: باب ما جاء فى من يحدث نفسه. . .، من أبواب الطلاق. عارضة الأحوذى ٥/ ١٥٥، ١٥٦. والنسائى، فى: باب من طلق فى نفسه، من كتاب الطلاق. المجتبى ٦/ ١٢٧. وابن ماجه، فى: باب من طلق فى نفسه. . .، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٥٨. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٤٢٥، ٤٧٤، ٤٨١، ٤٩١.
وانظر ما تقدم فى: ١/ ١٠٤.
(٥) فى أ: "للحج".

<<  <  ج: ص:  >  >>