للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُضِىِّ المُدَّةِ، فالقولُ قولُ الجانِى مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ مُضِيِّها، وإن كانت المُدَّةُ ممَّا يَحْتَمِلُ البُرْءَ فيها، فالقولُ قولُ الوَلِىِّ مع يَمِينِه؛ لأنَّه قد وُجِدَ سَبَبُ (٢) وَجُوبِ دِيَةِ اليَدَيْنِ بقَطْعِهِما، والجانى يَدَّعِى سُقُوطَ دِيَتِهما بالقَتْلِ، والأصلُ عَدَمُ ذلك. فإن كانت للجانِى بَيِّنَةٌ ببَقَاءِ المَجْنِىِّ عليه ضَمِنًا حتى قَتَلَه، حُكِمَ له ببَيِّنَتِهِ، وإن كانتْ (٣) للولىِّ بَيِّنَةٌ ببُرْئِه، حُكِمَ له أيضًا، وإن تعارَضَتا، قُدِّمَتْ بَيِّنةُ الوَلِىِّ؛ لأنَّها مُثْبِتةٌ للبُرْءِ. ويَحْتَمِلُ أن يكون القولُ قولَ الجانِى، إذا لم يكُنْ لهما بَيِّنَةٌ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ الجِراحةِ، وعَدَمُ انْدِمالِها. وإن قَطَعَ أطْرافَه فمات، واختلَفا، هل بَرَأَ قبلَ المَوْتِ، أو مات بسِرَايةِ الجُرْحِ؟ أو قال الوَلِىُّ: إنَّه مات بسَبَبٍ آخرَ، كأنَّه (٤) لُدِغَ، أو ذَبَحَ نَفسَه، أو ذَبَحه غيرُه. فالحكمُ فيما إذا مات بغيرِ سببٍ آخَرَ، كالحكمِ فيما إذا قَتَلَه، سَواءً. وأمَّا إذا مات بقَتْلٍ أو سَبَبٍ آخرَ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، تقديمُ قولِ الْجانِى؛ لأنَّ الظاهِرَ بَقاءُ الجِنايةِ، والأصْلُ عَدَمُ سَبَبٍ آخَرَ، فيكونُ الظَّاهِرُ معه. والثانى، القولُ قولُ وَلِىِّ الجِنايةِ؛ لأنَّ الأصلَ بَقاءُ الدِّيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وُجِدَ سَبَبُهما، حتى يُوجَدَ ما يُزِيلُهما. فإن كانتْ دَعْواهُما بالعَكْسِ، فقال الولىُّ: مات من سِرَايةِ قَطْعِكَ، فعليك القِصاصُ في النَّفْسِ. فقال الجانِى: بل انْدَمَلَتْ جِراحُه قبلَ مَوْتِهِ. أو ادَّعَى مَوْتَه بسببٍ آخَرَ، فالقولُ قولُ الوَلِىِّ مع يَمِينِه؛ لأنَّ الجُرْحَ سَبَبٌ للموتِ، وقد تحقَّقَ، والأصلُ عَدَمُ الانْدِمالِ، وعَدَمُ سَبَبٍ آخَرَ يَحْصُلُ الزُّهُوقُ به، وسَواءٌ كان الجُرْحُ فيما يَجِبُ به القِصاصُ في الطَّرَفِ، كقَطْعِ اليَدِ من مَفْصِلٍ أو لا (٥) يُوجِبُه، كالجائِفَةِ والْقَطْعِ من غير مَفْصِلٍ. وهذا كلُّه مذهبُ الشافعىِّ.

١٤٣٩ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ رَمَى، وَهُوَ مُسْلِمٌ كَافِرًا عَبْدًا، فَلَمْ يَقَعْ بِهِ


(٢) في ب: "بسبب".
(٣) في ب، م: "كان".
(٤) في م: "كأن".
(٥) في ب، م: "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>