للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَسْتَقْبِلُ هشامَ بن إسماعيلَ إذا خَطَبَ، فوَكَلَ به هِشَامٌ شُرَطِيًّا يَعْطِفُه إليه. والأوَّلُ أوْلَى؛ لما رَوَى عَدِيُّ بن ثَابِتٍ، عن أبِيه، عن جَدِّهِ، قال: كان النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قَامَ على المِنْبَرِ اسْتَقْبَلَهُ أصْحَابُه بِوُجُوهِهم، رَوَاه ابنُ مَاجَه (١٠). وعن مُطِيعِ بن يَحْيَى (١١) المَدَنِي، عن أبِيه، عن جَدِّهِ، قال: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قَامَ على المِنْبَرِ أقْبَلْنَا بِوُجُوهِنا إليه. أخْرَجَه الأثْرَمُ. ولأنَّ ذلك أبْلَغُ في سَمَاعِهم، فاسْتُحِبَّ، كاسْتِقْبَالِ الإِمَامِ إيَّاهم.

٢٨٣ - مسألة؛ قال: (فَحَمِدَ اللهَ، وأَثْنَى عَلَيْهِ، وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجَلَسَ وقَامَ، فَأَتَى أَيْضًا [بِحَمْدِ اللهِ] (١) والثَّنَاءِ عَلَيْهِ، والصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقَرَأَ وَوَعَظَ، وإنْ أرَادَ أن يَدْعُوَ لإِنْسَانٍ دَعَا)

وجُمْلَتُه أنَّه يُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ خُطْبَتانِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِيِّ. وقال مالِكٌ، والأوْزاعِيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ: يُجْزئُهُ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ عليه، فإنَّه قال: لا تكونُ الخُطْبَةُ إلَّا كما خَطَبَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو (٢) خُطْبَةً تَامَّةً. وَوَجْهُ الأوَّلِ أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، كما رَوَيْنا في حَدِيثِ ابنِ عمرَ، وجَابِرِ بن سَمُرَةَ، وقد قال: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمونِى أُصَلِّى". ولأنَّ الخُطْبَتَيْنِ أُقِيمَتَا مَقَامَ الرَّكْعَتَيْنِ، فكُلُّ خُطْبَةٍ مَكَانَ رَكْعَةٍ، فالإِخْلالُ بإحْدَاهما كالإِخْلالِ بإحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ. ويُشْتَرَطُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ منهما حَمْدُ اللهِ تعالى، والصَّلَاةُ على رسولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كُلُّ أَمْرٍ ذِى بَالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللهِ فَهُوَ أَبْتَرُ" (٣). وإذا وَجَبَ ذِكْرُ اللَّه تعالى،


(١٠) في: باب ما جاء في استقبال الإِمام وهو يخطب، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٦٠.
(١١) في أ، م زيادة: "بن".
(١) في أ، م: "بالحمد للَّه".
(٢) في م: "أي".
(٣) أخرجه أبو داود، في: باب الهَدْى في الكلام، من كتاب الأدب، سنن أبي داود ٢/ ٥٦٠ بلفظ =

<<  <  ج: ص:  >  >>