للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِدْرَارًا" (١٥).

فصل: وهل من شَرْطِ هذه الصلاةِ إذْنُ الإِمامِ؟ على رِوايَتَيْنِ: إحْدَاهُما، لا يُسْتَحَبُّ إلَّا بِخُرُوجِ الإِمامِ، أو رَجُلٍ من قِبَلِه. قال أبو بكرٍ: فإذا خَرَجُوا بغيرِ إذْنِ الإِمامِ دَعَوْا، وانْصَرَفُوا بلا صلاةٍ ولا خُطْبَةٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. وعنه أنَّهم يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِم، ويَخْطُبُ بهم أحَدُهم. فعلى هذه الرِّوايَةِ يكونُ الاسْتِسْقاءُ مَشْرُوعًا في حَقِّ كلِّ أَحَدٍ؛ مُقِيمٍ، ومُسافِرٍ، وأهْلِ القُرَى، والأعْرابِ؛ لأنَّها صلاةُ نَافِلَةٍ، فأشْبَهَتْ صَلَاةَ الكُسُوفِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الأُولَى، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَأْمُرْ بها، وإنَّما فَعَلَها على صِفَةٍ، فلا يَتَعَدَّى تلك (١٦) الصِّفَةَ، وهو أنَّه صَلَّاهَا بأَصْحابِه، وكذلك خُلَفاؤُه ومَن بَعْدَهم، فلا تُشْرَعُ إلَّا في مثلِ تلك الصِّفَةِ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يُسْتَسْقَى بمَن ظَهَرَ صَلاحُه؛ لأنَّه أَقْرَبُ إلى إجابَةِ الدُّعاءِ، فإنَّ عمرَ، رضِىَ اللهُ عنه، اسْتَسْقَى بالعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال ابنُ عمرَ: اسْتَسْقَى عمرُ عَامَ الرَّمَادَةِ بالعَبَّاسِ، فقال: اللَّهُمَّ إنَّ هذا عَمُّ نَبِيِّكَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، نَتَوَجَّهُ إليكَ به فاسْقِنَا. فما بَرِحُوا حتى سَقَاهُم اللهُ عَزَّ وجَلَّ (١٧). وَرُوِىَ أنَّ مُعاوِيَةَ خَرَجَ يَسْتَسْقِى، فلمَّا جَلَسَ على المِنْبَرِ، قال: أيْنَ يَزِيدُ بن الأسْوَد الجُرَشِىُّ؟ فقَامَ يَزِيدُ، فدَعَاهُ مُعاوِيَةُ (١٨)، فأجْلَسَهُ عند رِجْلَيْه، ثم قال: اللَّهُمَّ إنا نَسْتَشْفِعُ إليكَ بِخَيْرِنَا وأفْضَلِنَا يَزِيدَ بن الأسْوَد، يا يَزِيدُ، ارْفَعْ يَدَيْكَ. فَرَفعَ يَدَيْهِ، ودَعَا


(١٥) عزاه السيوطي في جمع الجوامع ١/ ٣٨٥ إلى الطبراني.
(١٦) في الأصل: "بذلك".
(١٧) أخرجه البخاري، في: باب سؤال الناس الإِمام الاستسقاء إذا قحطوا، من كتاب الاستسقاء، وفى: باب ذكر العباس بن عبد المطلب رضى اللَّه عنه، من كتاب فضائل الصحابة. صحيح البخاري ٢/ ٣٤، ٥/ ٢٥. والبيهقي، في: باب الاستسقاء بمن ترجى بركة دعائه، من كتاب الاستسقاء. السنن الكبرى ٣/ ٣٥٢. والمراد بالاستسقاء بمن ظهر صلاحه أن يطلب منه أن يدعو اللَّه، لأنه أقرب إلى الإجابة، لا أن يتوسل به.
(١٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>