للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّها عِبَادَةٌ تَخْتَصُّ بالمُسلمين، فالإِتْيانُ بها إسْلامٌ كالشَّهَادَتَيْنِ، وأمَّا الحَجُّ فإنَّ الكُفَّارَ كانوا يَفْعَلُونَه، والصِّيَامُ إمْسَاكٌ عن المُفْطِراتِ، وقد يَفْعَلُه مَن لَيْس بِصائِمٍ.

فصل: فأمَّا صلاتُه في نَفْسِه، فأمْرٌ بينَه وبينَ اللهِ تعالى، فإن عَلِمَ أنَّه كان قد أسْلَمَ، ثم تَوَضَّأَ وصَلَّى بنِيَّةٍ صَحِيحَةٍ، فصلاتُه صَحِيحَةٌ، وإن لم يكن كذلك، فعليه الإِعادَةُ؛ لأنَّ الوُضُوءَ لا يَصِحُّ مِن كافِرٍ، وإذا لم يُسْلِمْ قبلَ الصلاةِ، كان حالَ شُرُوعِه فيها غيرَ مُسْلِمٍ، ولا مُتَطَهِّرٍ، فلم يَصِحَّ منه.

٢٥٥ - مسألة؛ قال: (وإن صَلَّت امْرَأَةٌ بالنِّسَاءِ قامَتْ مَعَهُنَّ في الصَّفِّ وَسَطًا)

اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ، هل يُسْتَحَبُّ أن تُصَلِّىَ المَرْأةُ بالنِّساءِ جَمَاعَةً؟ فَرُوِىَ أنَّ ذلك مُسْتَحَبٌّ، ومِمَّنْ رُوِىَ عنه أنَّ المَرْأةَ تَؤُمُّ النِّسَاءَ عائشةُ، وأُمُّ سَلَمَةَ، وعَطاءٌ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزَاعِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وإسْحَاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وَرُوِىَ عن أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّ ذلك غيرُ مُسْتَحَبٍّ. وكَرِهَهُ أصْحابُ الرَّأْىِ، وإن فَعَلَتْ أجْزَأَهُنَّ. وقال الشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، وقَتَادَةُ: لَهُنَّ ذلك في التَّطَوُّعِ دونَ المَكْتُوبَة. وقال الحَسَنُ، وسليمان (١) بن يَسَارٍ: لا تَؤُمُّ في فَرِيضَةٍ ولا نَافِلَةٍ. وقال مالِكٌ: لا يَنْبَغِي لِلْمَرْأةِ أن تَؤُمَّ أحَدًا؛ لأنَّه يُكْرَهُ لها الأذَانُ، وهو دُعاءُ الجَماعةِ، فيُكْرَهُ (٢) لها ما يُرَادُ الأذَانُ لَهُ. ولَنا، حَدِيثُ أُمِّ وَرَقَةَ (٣)، ولأَنَّهُنَّ من أهْلِ الفَرْضِ، فأشْبَهْنَ الرِّجالَ، وإنَّما كُرِهَ لَهُنَّ الأذَانُ لما فيه من رَفْعِ الصَّوْتِ، ولَسْنَ من أهْلِه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّها إذا صَلَّتْ بهنَّ قامَتْ في وَسَطِهِنَّ، لا نَعْلَمُ فيه


(١) في م: "وسليم". وتقدم التعريف به في ١/ ٢٩٧.
(٢) في م: "فكره".
(٣) تقدم في صفحة ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>