للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأحْياءِ شُرِعَ لئلَّا يكونَ المسروقُ مملوكًا للسَّارقِ. وقد يُئِسَ من ذلك ههُنا.

١٥٨٨ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُقْطَعُ في مُحَرَّمٍ، ولَا فِي (١) آلةِ لَهْوٍ)

يَعنى لا يُقْطَعُ في سَرقَةِ مُحَرَّمٍ؛ كالخمرِ، والخِنْزِيرِ، والمَيْتَةِ، ونحوِها، سَواءٌ سَرَقَه من مسلمٍ أو ذِمِّىٍّ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن عَطاءٍ أنَّ سَارِقَ خمرِ الذِمِّىِّ يُقْطَعُ، وإن كان مُسْلِمًا؛ لأنَّه مَالٌ لهم، أشْبَهَ ما لو سَرَقَ دراهمَهم. ولَنا، أنَّها عينٌ مُحَرَّمَةٌ، فلا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِها، كالخِنْزِيرِ، ولأنَّ ما لا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِه من مالِ (٢) المُسْلم، لا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِه من [أهلِ الذِّمَّةِ] (٣)، كالميْتَةِ والدَّمِ. وما ذكَرهُ (٤) ينْتقِضُ بالخِنْزِيرِ، ولا اعتبارَ به، فإنَّ الاعْتِبارَ بحُكْمِ الإِسلامِ، وهو يَجْرِى عليهم دونَ أحْكامِهم. وهكذا الخلافُ معه في الصَّلِيبِ إذا بلغَتْ قِيمَتُه مع تأليفِه نِصابًا. وأمَّا آلةُ اللَّهو كالطُّنْبُورِ، والمزْمَارِ، والشَّبَّابَةِ، فلا قطعَ فيه، وإن بلغَتْ قيمتُه مُفَصَّلًا نِصَابًا. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال أصحابُ الشَّافِعِى: إن كانَتْ قيمتُه بعدَ زوالِ تأليفِه نِصابًا، ففيه القَطْعُ، وإلَّا فلا، لأنَّه سَرقَ ما قيمتُه نِصَابٌ، لا شُبْهَةَ له فيه، من حِرْزِ مِثْلِهِ، وهو من أهْلِ القَطْعِ، فوجبَ قَطْعُه، كما لو كان ذهبًا مَكْسُورًا. ولَنا، أنَّه آلةٌ للمَعْصِيَةِ بالإِجْماعِ، فلم يُقْطَعْ بِسَرِقَتِه، كالخَمْرِ، ولأنَّ له حقًّا في أخْذِها لكَسْرِها، فكان ذلك شُبْهَةً مانِعَةً من القَطْعِ، كاسْتِحْقَاقِه مالَ ولدِه. فإن كانَتْ عليه حِلْيَةٌ تبْلغُ نِصابًا، فلا قطعَ فيه أيضًا، في قياسِ قولِ أبى بكرٍ؛ لأنَّه مُتَّصِلٌ بما لا قَطْعَ فيه فأشْبَهَ الخشبَ والأوْتارَ. وقال القاضي: فيه القَطْعُ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىّ؛ لأنَّه سَرَقَ نِصابًا من حِرْزِه، فأشْبَهَ المُنْفَرِدَ.


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: الأصل، ب.
(٣) في م: "الذمى".
(٤) في ب، م: "ذكروه".

<<  <  ج: ص:  >  >>