للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُجيبِ لا يَرى مُنْكَرًا ولا يسْمَعُه. وقال أحمدُ: إنَّما تجبُ الإِجابةُ اذا كان المَكْسَبُ طيِّبًا، ولم يَر مُنْكَرًا. فعَلَى قوله هذا، لا تجبُ إجابةُ مَنْ طعامُه مِن مَكسَبٍ خَبِيثٍ؛ لأنَّ اتِّخاذَه منكرٌ، والأكلَ منه منكرٌ، فهو أوْلَى بالامْتِناعِ، وإن حضرَ لم يسُغْ له (٥٧) الأكلُ منه.

١٢٢٠ - مسألة؛ قال: (وَدَعْوَةُ الْخِتَانِ لَا يَعْرِفُها الْمُتَقَدِّمُونَ، وَلَا عَلَى مَنْ دُعِىَ إِلَيْهَا أَنْ يُجِيبَ، وَإِنَّمَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ فِى إِجَابَةِ مَنْ دُعِىَ إِلَى وَليمَةِ تَزْوِيج (١))

يعنى بالمُتقدِّمين أصحابَ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الَّذينَ يُقتدى بِهم؛ وذلك لما رُوِىَ أَنَّ عثمانَ بنَ أبى العاصِ، دُعىَ إلى خِتانٍ، فأبَى أَنْ يُجيبَ، فقيلَ له؟ فقال: إنَّا كنَّا لا نَأْتِى الخِتَانَ على عهدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا نُدْعَى إليه. رواه الإِمامُ أحمدُ بإسنادِه (٢) إذا ثبتَ هذا، فحُكْمُ الدَّعوةِ للخِتَانِ وسائرِ الدَّعواتِ غيرِ الوَليمةِ أنَّها مُستَحَبَّةٌ؛ لما فيها مِن إطْعام الطَّعامِ، والإِجابةُ اليها مُستحَبَّةٌ غيرُ واجبةٍ. وهذا قولُ مالكٍ، والشَّافعىِّ، وأبى حنيفةَ وأصحابه. وقال العَنْبَرىُّ: تجبُ اجابةُ كلِّ دَعْوةٍ؛ لعُمومِ الأمْرِ به. فإنَّ ابنَ عمرَ رَوَى عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْهُ، عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عُرْسٍ". أَخْرَجه أبو داودَ (٣). ولَنا، أَنَّ الصَّحيح مِن السُّنَّةِ إنَّما وردَ فى إجابةِ الدَّاعى إلى الوَلِيمةِ، وهى الطَّعامُ فى العُرْسِ خاصَّةً، كذلك قال الخليلُ، وثعلبٌ، وغيرُهما مِن أهلِ اللُّغةِ. وقد صرَّحَ بذلك فى بعض رِوَاياتِ ابنِ عمرَ، عن رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "إِذَا دُعِىَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيْمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ". رَواه ابن ماجه (٤). وقال عثمانُ بنُ


(٥٧) سقط من: الأصل.
(١) فى الأصل: "تزوج".
(٢) المسند ٤/ ٢١٧.
(٣) فى: باب ما جاء، فى إجابة الدعوة، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣٠٦.
كما أخرجه مسلم، فى: باب الأمر بإجابة الداعى إلى دعوة، من كتاب النكاح. صحيح مسلم ٢/ ١٠٥٣.
(٤) فى: باب إجابة الداعى، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦١٦.
كما أخرجه مسلم، فى: باب الأمر بإجابة الداعى إلى دعوة، من كتاب النكاح. صحيح مسلم ٢/ ١٠٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>