للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهبَتْ كتابَتُه (٤٣) بمَحْوٍ، أو غيرِه، ووصلَ الكاغَدُ (٤٤)، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّه ليس بكتابٍ. وكذلك إن انْطَمَسَ ما فيه لعَرَقٍ، أو غيرِه؛ لأنَّ الكتابَ عبارةٌ عمَّا فيه الكِتابَةُ. وإن ذَهَبَتْ حَواشِيه، أو تَخَرَّقَ منه شىءٌ، لا يُخْرِجُه عن كَوْنِه كتابًا، ووصلَ بَاقِيه، طَلُقَتْ؛ لأنَّ الباقِىَ كتابٌ. وإن تَخَرَّقَ بعضُ ما فيه الكتابة، سِوَى ما فيه ذِكْرُ الطَّلاقِ، فوصَلَ، طَلُقَتْ؛ لأنَّ المقْصودَ (٤٥) باقٍ، فَيَنْصَرِفُ الاسمُ إليه. وإن تَخَرّقَ ما فيه ذِكْرُ الطَّلاقِ، فذَهَبَ، ووصلَ بَاقِيه، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّ المقصودَ ذاهبٌ. فإنْ قال لها: إذا أتاكِ طَلاقِى، فأنتِ طالقٌ. ثم كتَبَ إليها: إذا أتاكِ كتابِى، فأنتِ طالقٌ. فأتاها الكتابُ، طَلُقَتْ طَلْقتَيْنِ؛ لوُجودِ الصِّفتَيْنِ فى مَجِىءِ الكتابِ. فإن قال: أردتُ إذا أتاكِ كتابى، فأنتِ طالقٌ بذلك الطّلاقِ الذى عَلَّقْتُه. دِينَ. وهل يُقبَلُ فى الحُكمِ؟ يُخَرَّجُ على روايتَيْنِ.

فصل: ولا يَثبُتُ الكتابُ بالطَّلاقِ إلَّا بشاهدَيْنِ عَدْلَيْنِ، أنَّ هذا كِتابُه. قال أحمدُ، فى روايةِ حَرْبٍ؛ فى امرأةٍ أتاها كتابُ زوجِها بخطِّه وخاتَمِه بالطَّلاقِ: لا تَتَزَوَّجُ حتى يَشْهَدَ عندَها شهودٌ عَدُولٌ. قيل له: فإنْ شَهِدَ حاملُ الكتابِ؟ قال: لَا، إلَّا شاهدانِ. فلم يَقْبَلْ قولَ حاملِ الكِتابِ وحْدَه، حتى يشهدَ معه غيرُه؛ لأنَّ الكُتُبَ المُثْبِتَةَ للحقوقِ لا تَثْبُتُ إلَّا بشاهدَيْنِ، ككتابِ المَاضى. وظاهرُ كلامِ أحمدَ، أَنَّ الكتابَ يثْبُتُ عندَها بشهادَتِهِما بين يَدَيْها، وإِنْ لم يشْهدَا به عندَ الحاكمِ؛ لأنَّ أثرَه فى حقِّها فى العِدَّةِ، وجوازِ التَّزْويج بعدَ انْقضائِها، وهذا معنًى يَخْتصُّ بها (٤٦) لا يَثبُتُ به حقٌّ (٤٧) على الغَيْرِ، فاكْتُفِىَ فيه بسَماعِها للشَّهادةِ. ولو شَهِدَ شاهدانِ، أَنَّ هذا خَطُّ


(٤٣) فى ب: "الكتابة".
(٤٤) الكاغد: الورق.
(٤٥) فى م: "الاسم".
(٤٦) فى أ، ب، م: "به".
(٤٧) فى الأصل: "حقا".

<<  <  ج: ص:  >  >>