للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأْتَمَّ بهم؛ لكَوْنِهم عُراةً وهو مُسْتَتِرٌ. وإن صَلَّى وبَقِىَ وقتُ صلاةٍ واحدةٍ، فأراد إعارةَ أحدِهم، اسْتُحِبَّ أنْ يُعيرَه لمَن يصلُح أنْ يؤُمَّهم، فإن أعارَهُ لغيرِهِ جاز، وصار حُكْمُه كَحُكْمِ صاحبِ الثَّوْبِ، فإن اسْتَوَوْا، أو لم يكُنِ. الثَّوْبُ لواحدٍ منهم، أقْرَعَ بينهم، فمَن خرجتْ له القُرْعةُ فهو أحَقُّ، وإن لم يسْتَوُوا، فالأوْلَى به مَن تُسْتَحَبُّ البدايةُ بإعارتِه. فإن كان منهم رجالٌ ونساءٌ، فالنِّسْوةُ أحقُّ؛ لأن عَوْراتهِنَّ أفْحَشُ وآكَدُ في السَّتْرِ. وإذا صَلَّيْنَ فيه أخذَه الرِّجالُ.

١٩٦ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ كَانَ في مَاءٍ وَطِينٍ أَوْمَأَ إِيمَاءً)

وجملةُ ذلك، أنَّه إذا كان في [مطرٍ وطِينٍ، فأمْكنَه] (١) السجودُ [من غيرِ ضَرَرٍ، لَزِمَه ذلك؛ لما روَى أبو سعيد، أنَّه قال: فأبْصَرتْ عَيْناىَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- انْصَرفَ وعلى جَبْهتِه وأنْفِه أثَرُ الماءِ والطِّين. متفق عليه (٢). ولأنَّه قادرٌ على السُّجودِ مِن غيرِ ضَرَرٍ، فلَزِمَه، كما لو لم يكُنْ. وإن تضرَّر بالسُّجودِ، وخاف مِن تلوُّثِ يديْه وثيابِه بالطِّين والبَلَلِ، فله الصلاةُ على دابَّتِه، ويُومِىءُ بالسُّجودِ. وإن كان راجِلًا أوْمَأَ بالسُّجودِ، ولم يَلْزَمْه السُّجودُ على الأرضِ. وقد] (٣) رُوِىَ عن أنَسٍ، أنَّه صَلَّى على دابَّتهِ في ماءٍ وطِينٍ. وفَعَله جابرُ بن زيد، وأمَر به طاوُسٌ، وعُمارة بن


= من تستحب البداية بإعارته، على ما ذكرنا".
(١) في م: "مطر وطين فأمكنه".
(٢) أخرجه البخاري، في: باب السجود على الأنف والسجود على الطين، من كتاب الأذان، وفى: باب التماس ليلة القدر، وباب تحرى ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، من كتاب ليلة القدر، وفى: باب الاعتكاف في العشر الأواخر، وباب من خرج من اعتكافه عند الصبح، من كتاب الاعتكاف. صحيح البخاري ١/ ٢٠٦، ٢٠٧، ٣/ ٦٠، ٦١، ٦٢، ٦٥، ٦٦. ومسلم، في: باب فضل ليلة القدر. . . إلخ، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٨٢٤ - ٨٢٦. أخرجه النسائي، في: باب السجود على الجبين، من كتاب التطبيق. المجتبى ٢/ ١٦٤. والإمام مالك، في: باب ما جاء في ليلة القدر، من كتاب الاعتكاف. الموطأ ١/ ٣١٩. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٧، ٢٤.
(٣) جاء مكان هذا في م: "على الأرض إلا بالتلوث بالطين والبلل بالماء، فله الصلاة على دابته، يومىء بالركوع والسجود، وإن كان راجلا أومأ بالسجود أيضًا، ولم يلزمه السجود على الأرض. قال الترمذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>