للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأيْمانِ، وتَجِبُ الكفَّارةُ بِذلك كسائِرِ الأيمانِ، ولأنَّها يَمِينٌ تَقْتَضِى تَرْكَ الوَطْءِ، فلا تَجِبُ كفَّارتُها إلَّا به، كالإِيلاءِ.

١٣١١ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ عَلَىَّ كَظَهْرِ أمِّى. لَمْ يَطَأْهَا إِنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يَأْتِىَ بالكَفَّارَةِ)

وجُملتُه، أَنَّ الظِّهارَ مِن الأجْنَبِيَّةِ يَصِحُّ، سواءٌ قال ذلك لامرأةٍ بِعَيْنِها، أو قال: كلُّ النِّساءِ علىَّ كَظَهْرِ أُمِّى. وسواءٌ أوْقَعَه مُطْلَقًا، أو عَلَّقَه على التَّزْوِيِج، فقال: كلُّ امرأةٍ أتَزَوَّجُها، فهى علىَّ كظَهْرِ أُمِّى. ومتى تَزَوَّجَ التى ظاهَرَ منها، لَمْ يَطَأْها حَتَّى يُكَفِّرَ. يُرْوَى (١) نحوُ هذا عن عمرَ بنِ الخطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وبه قال سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعُرْوَةُ، وعَطاءٌ، والحسنُ، ومالِكٌ، وإسْحاقُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَثْبُتَ حُكْمُ الظِّهارِ قبلَ التَّزْويجِ. وهو قَوْلُ الثَّوْرِىِّ، وأبى حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ. ويُرْوَى ذلك عن ابنِ عبَّاسٍ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (٢). والأجْنَبِيَّةُ ليستْ مِن نسائِه، ولأنَّ الظِّهارَ يَمِينٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بحُكْمِها مُقَيَّدًا بِنِسائِه، فلم يَثْبُتْ حُكْمُها فى الأجْنبيَّةِ، كالإِيلاءِ؛ فإنَّ اللَّه تعالى قال: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}. كما قال: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (٣). ولأنَّها ليستْ بِزَوْجةٍ (٤)، فلم يَصِحَّ الظِّهارُ منها، كأَمَتِه، ولأنَّه حَرَّمَ مُحَرَّمَةً، فَلَمْ يَلْزَمْه شىءٌ، كما لو قال: أنتِ حرامٌ. ولأنَّه نَوْعُ تَحْرِيمٍ، فلم يَتَقَدَّمِ النِّكاحَ، كالطَّلاقِ. ولنا، ما رَوَى الإمامُ أحمدُ بإسنادِه عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، أنَّه قال فى رجلٍ قال: إنْ تَزَوَّجْتُ فلانة، فهى علىَّ كَظَهْرِ أُمِّى. فَتَزَوَّجَها. قال: عليه كَفَّارَةُ الظِّهارِ (٥). ولأنَّها يَمِينٌ مُكَفَّرةٌ، فصَحَّ


(١) فى ب: "روى".
(٢) سورة المجادلة ٣.
(٣) سورة البقرة ٢٢٦.
(٤) فى ب: "زوجة".
(٥) أخرجه الإمام مالك، فى: باب ظهار الحر، من كتاب الطلاق. الموطأ ٢/ ٥٥٩. وليس فى المسند. انظر الإرواء ٧/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>