للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكتبُه كاتبُه (٢٩)، ولا يتمكَّنُ من إخْفائِه عنه. ولَنا، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانَ أُمِّيًّا، وهو سَيِّدُ الحُكَّامِ، وليس مِن ضرورةِ الحُكْمِ (٣٠) الكتابةُ، فلا تُعْتَبرُ شُروطُها، وإن احْتاجَ إلى ذلك جازَ تَوْلِيَتُه لمن يَعْرِفُه، كم أنَّه قد يحْتاجُ إلى القِسمةِ بين النَّاسِ (٣١)، وليس مِن شَرْطِه معرفةُ المِساحةِ، ويَحْتاجُ إلى التَّقْويمِ، وليس من شَرْطِ (٣٢) القَضاءِ أن يكونَ عالمًا بِقِيَمِ (٣٣) الأشياءِ، ولا مَعْرفتُه بعُيوبِ كلِّ شىءٍ.

فصل: ويَنْبغِي أنْ يكونَ الحاكمُ قويًّا مِن غيرِ عُنْفٍ، ليِّنًا مِن غيرِ ضَعْفٍ، لا يَطْمعُ القويُّ في باطلِه، ولا يَيْأسُ الضعيفُ من عَدْلِه، ويكونَ حليمًا، مُتأنِّيًا، ذا فِطْنةٍ وتيَقُّظٍ، لا يُؤْتَى من غَفْلةٍ، ولا يُخْدَعُ لغِرَّةٍ، صحيحَ السمعِ والبصرِ، عالمًا بلغُاتِ أهلِ وِلايَتِه، عفيفًا، ورعًا، نَزِهًا (٢٩)، بَعيدًا عن (٣٤) الطَّمَعِ، صَدُوقَ اللَّهْجةِ، ذا رأْيٍ ومَشُورةٍ، لِكلامِه لِينٌ إذا قَرُبَ، وهَيْبةٌ إذا أوْعدَ، ووفاءٌ إذا وَعَدَ، ولا يكونُ جبَّارًا، ولا عَسُوفًا، فيقْطَعُ ذا الحُجَّةِ عن حُجَّتِه. قالَ عليٌّ، رَضِيَ اللهُ عنه: لا ينْبَغِي أنْ يكونَ القاضِي قاضِيًا حتى تكونَ فيه خمسُ خصالٍ؛ عفيف، حليم، عالم بما كان قبلَه، يَسْتَشيرُ ذَوِي الألبابِ، لا يخافُ في اللهِ لَوْمةَ لائمٍ. وعن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، رَضِيَ اللَّه عنه (٣٥)، قال: ينْبغِي للقاضِي أنْ تَجْتَمِعَ فيه سبعُ خلالٍ، إنْ فاتَتْه واحدةٌ كانتْ فيه وَصْمَةٌ: العقل، والفقه، والوَرَع، والنَّزاهة، والصَّرامة، والعلم بالسُّنَنِ، والحِلْم (٣٦). ورواه سعيدٌ (٣٧). وفيه: يكون فهِمًا، حليمًا، عفيفًا،


(٢٩) سقط من: الأصل.
(٣٠) في ب، م: "الحاكم".
(٣١) سقط من: م.
(٣٢) في الأصل: "شرطه".
(٣٣) في ب، م: "بقيمة".
(٣٤) في ب: "من".
(٣٥) في ب زيادة: "أنه".
(٣٦) في ب، م: "والحكم".
(٣٧) وأخرج نحوه البيهقي، من طريق سعيد بن منصور، في: باب مشاورة الوالي والقاضي في الأمر، من كتاب آداب =

<<  <  ج: ص:  >  >>