للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٦٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ زَنَى مِرَارًا ولَمْ يُحَدَّ، فَحَدٌّ وَاحِدٌ)

وجملتُه أنَّ ما يُوجِبُ الحَدَّ من الزِّنَى، والسَّرِقةِ، والقذفِ، وشُرْبِ الخمرِ، إذا تكرَّرَ قبلَ إقامةِ الحَدِّ، أجْزأَ حَدٌّ واحِدٌ. بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمعَ على هذا كُلُّ مَن نحْفظُ عنه من أهلِ العلمِ؛ منهم عَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، ومالِكٌ، وأبو حنيفةَ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو يوسفَ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وإن أُقِيمَ عليه الحَدُّ، ثم حَدَثَتْ منه جنايةٌ أُخْرَى، ففيها حَدُّها. لا نعلمُ فيه خلافًا. وحكاه ابنُ المُنْذِرِ عمَّنِ يَحْفَظُ عنه. وقد سُئِلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الأَمَةِ تَزْنِى قبلَ أن تُحْصَنَ فقال: "إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوها، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا" (١). ولأنَّ تَداخُلَ الحُدودِ، إنَّما يكونُ مع اجتماعِها، وهذا الحَدُّ الثاني وجبَ بعدَ سُقوطِ الأوَّلِ باسْتيفائِه. وإنْ كانتِ الحدودُ من أجْناسٍ، مثل الزِّنَى، والسَّرِقَةِ، وشُرْبِ الخمرِ، أقيمتْ كُلُّها، إلَّا أن يكونَ فيها قتلٌ، فإن كان فيها قتلٌ، اكْتُفِىَ به؛ لأنَّه لا حاجةَ معه إلى الزَّجْرِ بغيرِه. وقد قال ابنُ مسعودٍ: ما كانتْ حُدودٌ فيها قَتْلٌ (٢)، إلَّا أحاطَ القتلُ بذلك كلِّه (٣). وإن لم يكُنْ فيها قتلٌ، اسْتَوْفَتْ كلُّها، وبُدِئَ بالأخَفِّ فالأخَفِّ، فيُبْدَأُ بالجَلْدِ، ثم بالقَطْعِ، ويُقَدَّمُ الأخَفُّ في الجَلْدِ على الأثْقَلِ، فيُبْدَأُ في الجلدِ بحدِّ الشُّرْبِ، ثم بحَدِّ القَذْفِ، إن قُلْنا: إنَّه حَقٌ للهِ تعالى، ثم بحَدِّ الزِّنَى. وإن قُلْنا: إنَّ حَدَّ القذفِ حَقٌ لآدَمِىٍّ. قَدَّمْنَاه، ثم بِحَدِّ الشُّرْبِ، ثم بِحَدِّ الزِّنَى.

١٥٦٤ - مسألة؛ قال: (وَإذَا تَحَاكَمَ إِلَيْنَا أهْلُ الذِّمَّةِ، [حَكَمْنَا عَلَيْهِمْ، بِحُكْمِ] (١) اللهِ تَعَالَى عَلْيَنا)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا تَحاكَمَ إلينا أهلُ الذِّمَّةِ] (٢)، أو اسْتَعْدَى بعضُهم على بعضٍ،


(١) تقدم تخريجه، في صفحة ٨/ ١٧٤.
(٢) سقط من: م.
(٣) تقدم تخريجه، في صفحة ٣١٣.
(١) في ب: "بما حكم".
(٢) سقط من: الأصل. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>