للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه لا يَنْقُصُ ذا الفَرْضِ شَيْئًا من فَرْضِه. أو خَلَّفَ امْرَأةً، وقال: أوْصَيْتُ لك بما فَضَلَ من المالِ عن فَرْضِها. صَحَّ في المَسْألةِ الأُولَى؛ لأنَّ ذا الفَرْضِ يَرِثُ المالَ كُلَّه، لولا الوَصِيَّةُ، فلا فَرْقَ في الوَصِيَّةِ بين أن يَجْعَلَها من رَأْسِ المالِ أو من الزَّائِدِ على الفَرْضِ. وأما المَسْألةُ الثانِيةُ، فتَنْبَنِى على الوَصِيّةِ بجَمِيعِ المالِ، فإن قُلْنا: تَصِحُّ ثَمَّ. صَحَّتْ ههُنا؛ لأنَّ الباقِىَ عن فَرْضِ الزَّوْجةِ مالٌ لا وارِثَ له، فصَحَّتِ الوَصِيّةُ به، كما لو لم تكُنْ زَوْجةً. وإن قُلْنا: لا تَصِحُّ ثَمَّ. فهَهُنا مِثْلُه؛ لأنَّ بَيْتَ المالِ جُعِلَ كالوارِثِ (١١)، فصارَ كأنَّه ذو وَرَثةٍ يَسْتَغْرِقُونَ المالَ إذا عَيَّنَ الوَصِيّةَ من نَصِيبِ العَصَبةِ منهم، فعلى هذا يُعْطَى المُوصَى له الثُّلُثَ من رَأْسِ المالِ، ويَسْقُطُ تَخْصِيصُه.

٩٧٥ - مسألة؛ قال: (ومَنْ أوْصَى لِعَبْدِه بثُلُثِ مَالِهِ، فَإنْ كَانَ الْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ عَتَقَ، ومَا فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ عِتْقِهِ، فَهُوَ لَهُ، وإنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ، عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، إلَّا أنْ يُجِيزَ الْوَرَثةُ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا أَوْصَى لِعَبْدِه بجُزْءٍ شائِعٍ من مالِه، كثُلُثٍ أو رُبْعٍ أو سُدُسٍ، صَحَّتِ الوَصِيّةُ، فإن خَرَجَ العَبْدُ من الوَصِيّةِ، عَتَقَ، واسْتَحَقَّ باقِيها، وإن لم يَخْرُجْ، عَتَقَ منه بِقَدْرِ الوَصِيَّةِ. وبهذا قال الحَسَنُ، وابنُ سِيرِينَ، وأبو حنيفةَ، إلَّا أنَّهم قالوا: إن لم يَخْرُجْ من الثُّلُثِ، سَعَى في قِيمَةِ باقِيه. وقال الشافِعيُّ، رَضِىَ اللَّه عنه: الوَصِيَّةُ باطِلَةٌ، إلَّا أن يُوصِىَ بِعِتْقِه؛ لأنَّه أوْصَى لمالٍ (١) يَصِيرُ لِلْوَرَثةِ، فلم يَصِحَّ، كما لو أوْصَى له بمُعَيَّنٍ. ولَنا، أنَّ الجُزْءَ الشائِعَ يَتَنَاولُ نَفْسَه أو بعضَها (٢)؛ لأنَّه من جُمْلَةِ الثُّلُثِ الشائِعِ، والوَصِيّةُ له بِنَفْسِه تَصِحُّ ويَعْتِقُ، وما فَضَلَ يَسْتَحِقُّه (٣)؛ لأنَّه يَصِيرُ حُرًّا، فيَمْلِكُ الوَصِيّةَ، فيَصِيرُ كأنَّه قال: اعْتِقُوا عَبْدِى من ثُلُثِى، وأَعْطُوه


(١١) في م: "كوارث".
(١) في أ، م: "بمال".
(٢) في م: "بعضه".
(٣) في الأصل: "استحقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>