للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَامِنٌ عن صَاحِبِه، فأَبْرَأَ الغَرِيمُ أحَدَهما من الأَلْفِ، بَرِئَ منه، وبَرِئَ صَاحِبُه من ضَمَانِه، وبَقِىَ عليه خَمْسُمائة. [وإن قَضَاهُ أحَدُهُما خَمْسَمائة] (١٧)، أو أبْرَأهُ الغَرِيمُ منها، وعَيَّنَ القَضَاءَ بِلَفْظِه أو بِبَيِّنةٍ عن الأَصْلِ والضَّمَانِ، انْصَرَفَ إليه. وإن أَطْلَقَ، احْتَمَلَ أنَّ له صَرْفَها إلى ما شَاءَ منهما، [كمَن أَخْرَجَ زَكَاةَ نِصَابٍ وله نِصَابَانِ غَائِبٌ وحَاضِرٌ، كان له صَرْفُها إلى ما شَاءَ منهما] (١٨). واحْتَمَلَ أن يكونَ نِصْفُها عن الأَصْلِ، ونِصْفُها عن الضَّمَانِ؛ لأنَّ إِطْلَاقَ القَضَاءِ والإِبْرَاءِ يَنْصَرِفُ إلى جُمْلَةِ ما في ذِمَّتِه، فيكونُ منهما (١٩)، والمُعْتَبَرُ في القَضَاءِ لَفْظُ القاضِى ونِيَّتُه، وفى الإِبْراءِ لَفْظُ المُبْرِئ ونِيَّتُهُ، ومتى اخْتَلَفُوا في ذلك، فالقولُ قولُ مَن المُعْتَبَرُ لَفْظُه ونِيَّتُه.

فصل: ولو ادَّعَى أَلْفًا على حَاضِرٍ وغَائِبٍ، وأنَّ كلَّ واحدٍ منهما ضَامِنٌ عن صَاحِبِه، فاعْتَرَفَ الحَاضِرُ بذلك، فله أخْذُ الألْفِ منه، فإذا قَدِمَ الغَائِبُ فَاعْتَرَفَ، رَجَعَ عليه صَاحِبُه بِنِصْفِه، وإن أنْكَرَ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، وإن أنْكَرَ الحاضِرُ، فالقولُ قولُه مع يَمِينه، فإن قَامَتْ عليه بَيِّنَةٌ فَاسْتَوْفَى الأَلْفَ منه، لم يَرْجِعْ على الغَائِبِ بشيءٍ؛ لأنَّه بإنْكارِهِ مُعْتَرِفٌ أنَّه لا حَقَّ له عليه، وإنما المُدَّعِى ظَلَمَهُ. وإن اعْتَرَفَ الغَائِبُ وعَادَ الحَاضِرُ عن إنْكَارِه، فله أن يَسْتَوْفِىَ منه؛ لأنَّه يَدَّعِى عليه حَقًّا يَعْتَرِفُ له به، فكان له أخْذُه منه. وإن لم يَقُمْ على الحَاضِرِ بَيِّنَةٌ، حَلَفَ وبَرِئَ، فإذا قَدِمَ الغائِبُ فأنْكَرَ أيضًا وحَلَفَ، بَرِئَ، وإن اعْتَرَفَ، لَزِمَهُ دَفْعُ الأَلْفِ. وقال بعضُ أصحابِ الشَّافِعِىِّ: لا يَلْزَمُه إلَّا خَمْسُ المائةِ الأَصْلِيَّةِ دون المَضْمُونَةِ؛ لأنَّها سَقَطَتْ عن المَضْمُونِ عنه بِيَمِينِه، فتَسْقُطُ عن ضَامِنِه. ولَنا، أنَّه مُعْتَرِفٌ (٢٠) بها وغَرِيمُه يَدَّعِيهَا،


(١٧) سقط من: ب.
(١٨) سقط من: الأصل.
(١٩) في ب، م: "بينهما".
(٢٠) في م: "يعترف".

<<  <  ج: ص:  >  >>