للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْرُجَ فاصِلًا الثانيةَ (٢٧). ونحوه قولُ (٢٨) الثَّوْرِىِّ. ولَنا، أنَّه قد ثَبَتَ له حُكْمُ السَّفَرِ بخُرُوجِه، ولم تُوجَدْ إقامَةٌ تَقْطَعُ حُكْمَه، فأشْبَهَ ما لو أتَى قَرْيَةً غيرَ مَخْرَجِه.

٢٧٨ - مسألة؛ قال: (وَإنْ قَالَ الْيَوْمَ أَخْرُجُ، وغَدًا (١) أخْرُجُ. قَصَرَ، وإن أقَامَ شَهْرًا)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ مَن لم يُجْمِعِ الإِقامةَ مُدَّةً تَزِيدُ على إحْدَى وعِشْرِينَ صلاةً، فله القَصْرُ، ولو أقامَ سِنِينَ، مثل أنْ يُقِيمَ لِقَضاءِ حاجَةٍ يَرْجُو نَجاحَها، أو لِجِهادِ عَدُوٍّ، أو حَبَسَه (٢) سُلْطَانٌ أو مَرَضٌ، وسَوَاءٌ غَلَبَ على ظَنِّه انْقِضاءُ الحاجَةِ في مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، أو كَثِيرَةٍ، بعدَ أن يَحْتَمِلَ انْقِضَاؤُها في المُدَّةِ التي لا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ أنَّ لِلْمُسَافِرِ أن يَقْصُرَ ما لم يُجْمِعْ إقَامَةً، وإن أتَى عليه سِنُونَ. وقَد رَوَى ابنُ عَبَّاسٍ، قال: أقامَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعضِ أسْفَارِه تِسْعَ عَشرَةَ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٣). وقال جابِرٌ: أقَامَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزْوَةَ تَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. رَوَاهُ الإِمَامُ أحْمَدُ في "مُسْنَدِه" (٤). وفي حَدِيثِ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أقَامَ بمَكَّةَ ثَمَانِىَ عَشْرَةَ لا يُصَلِّى إلَّا رَكْعَتَيْنِ. رَوَاه أبو دَاوُدَ (٥). وَرُوِى عن عبدِ الرحمنِ بن المِسْوَرِ، عن أبيهِ، قال: أقَمْنَا مع سَعْدٍ بعَمَّانَ أو سَلْمانَ، فكان يُصَلِّى


(٢٧) في م: "للثانية".
(٢٨) في الأصل: "قال".
(١) سقطت واو العطف من: ا، م.
(٢) في م: "حبس".
(٣) تقدم في صفحة ١٤٩.
(٤) المسند ٣/ ٢٩٥. كما أخرجه أبو داود، في: باب إذا أقام بأرض العدو يقصر، من كتاب صلاة المسافر. سنن أبي داود ١/ ٢٨١. والبيهقي، في: باب من قال يقصر أبدا ما لم يجمع مكثا، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ٣/ ١٥٢.
(٥) تقدم في صفحة ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>