للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغيرِهِما، لقولِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (٢٥). وصاحِبُ الرَّقَبةِ لا يَمْلِكُها مِلْكًا تامًّا، ولا يَأْمَنُ أن تَحْبَلَ منه، فربَّما أفْضَى إلى إهْلَاكِها، وأيُّهما وَطِئَها فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّه وَطْءٌ بشُبْهةٍ؛ لِوُجُودِ المِلْكِ لكلّ واحدٍ منهما فيها، ووَلَدُه حُرٌّ؛ لأنه من (٢٦) وَطْءِ شُبْهةٍ. فإن كان الواطِئُ مالِكَ المَنْفَعةِ، لم تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ له؛ لأنَّه لا يَمْلِكُها، وعليه قِيمَةُ وَلَدِها يومَ وَضْعِه، وحُكْمُها على ما ذَكَرْنا فيما إذا وَطِئَها غيرُهُما بِشُبْهةٍ. وإن كان الواطِئُ مالِكَ الرَّقَبةِ، صارتْ أُمَّ وَلَدٍ له؛ لأنَّها عَلِقَتْ منه بِحُرٍّ في مِلْكِه، وفى وُجُوبِ قِيمَتِه عليه الوَجْهانِ، وأمَّا المَهْرُ، فعِنْدِى أنَّه إنْ كان الواطِئُ [مالِكَ الرَّقَبَةِ] (٢٧)، فلا مَهْرَ عليه، وله المَهْرُ على صاحِبِ المَنْفَعةِ، إذا كان هو الواطِئَ. وعند أصْحابِنا، وأصْحابِ الشافِعِيِّ، بعَكْسِ ذلك فيهما. وقد تَقَدَّمَ تَعْلِيلُ ذلك. ويَحْتَمِلُ أن يَجِبَ الحَدُّ على صاحِبِ المَنْفَعةِ إذا وَطِئَ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ إلَّا المَنْفَعةَ، فلَزِمَهُ الحَدُّ، كالمُسْتَأْجِرِ، فعلى هذا يكون وَلَدُه مَمْلُوكًا.

فصل: وليس لواحدٍ منهما تَزْوِيجُها؛ لأنَّ مالِكَ المَنْفَعةِ لا يَمْلِكُ رَقَبَتها، ومالِكَ الرَّقَبةِ لا يَمْلِكُ تَزْوِيجَها، لما فيه من ضَرَرِ صاحِبِ المَنْفَعةِ بتَزْوِيجِها. فإن طَلَبَتْ ذلك، لَزِمَ تَزْوِيجُها؛ لأنَّه لِحَقِّها، وحَقُّها في ذلك مُقَدَّمٌ عليهما (٢٨)، بِدَلِيلِ أنَّها لو طَلَبَتْه من سَيِّدِها الذي يَمْلِكُ رَقَبَتَها ونَفْعَها، أُجْبِرَ عليه، وقُدِّمَ حَقُّها على حَقِّه. وكذلك إن اتَّفَقَا على تَزْوِيجِها قبلَ طَلَبِها، جازَ، ووَلِيهَا في المَوْضِعَيْنِ مالِكُ رَقَبَتِها؛ لأنَّه مالِكُها. والكَلَامُ في مَهْرِها وَوَلَدِها، على ما تَقَدَّمَ في الفَصْلِ الذي قبلَه.

فصل: وإن قُتِلَ العَبْدُ المُوصَى بِنَفْعِه، وَجَبَتْ قِيمَتُه، يُشْتَرَى بها ما يَقُومُ مَقَامَ


(٢٥) سورة المؤمنون ٦.
(٢٦) سقط من: م.
(٢٧) في م: "مالكا للرقبة".
(٢٨) في أ، م: "عليها".

<<  <  ج: ص:  >  >>