للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن شَرَطَ الخِيارَ فى الصَّداقِ خاصَّةً، لم يَفْسُدِ النِّكاحُ؛ لأنَّ النِّكاحَ يَنْفَرِدُ عن ذِكْرِ الصَّداقِ، ولو كان الصَّداقُ حَرَامًا أو فاسِدًا لم يَفْسُدِ النِّكاحُ، فبِأنْ (٢٩) لا يَفْسُدَ بشرطِ الخِيارِ فيه أَوْلَى، ويُخالِفُ البَيْعَ، فإنَّه إذا فَسَدَ أحدُ العِوَضَيْنِ فيه فَسَدَ الآخرُ. فإذا ثَبَتَ هذا، ففى الصَّداقِ ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدها، يَصِحُّ الصَّداقُ، ويَبْطُلُ شَرْطُ الخِيارِ، كما يَفْسُدُ الشَّرْطُ فى النِّكاحِ، ويَصِحُّ النِّكاحُ. والثانى، يَصِحُّ، ويَثْبُتُ الخِيارُ فيه؛ لأنَّ عَقْدَ الصَّداقِ عقدٌ مُنْفَرِدٌ يَجْرِى مَجْرَى الأَثْمانِ، فثَبَتَ (٣٠) فيه الخِيارُ كالبِيَاعاتِ. والثالث، يَبْطُلُ الصَّداقُ؛ لأنَّها لم تَرْضَ به، فلم يَلْزَمْها، كما لو لم يُوافِقْه على شىءٍ.

١١٤٢ - مسألة؛ قال: (ومَنْ أَرَادَ أنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَهُ أنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أنْ يَخْلُوَ بِهَا)

لا نعلمُ بين أهلِ العلمِ خِلافًا فى إبَاحةِ النَّظَرِ إلى المرأةِ لمن أرادَ نِكاحها، وقد رَوَى جابرٌ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا خَطَبَ أحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَدْعُوهُ إلى نِكَاحِهَا، فَلْيَفْعَلْ". قال: فخَطَبْتُ امرأةً، فكنتُ أتَخَبَّأُ لها، حتى رأيتُ منها ما دعَانِى إلى نِكاحِها، فتَزَوَّجْتُها. روَاه أبو داودَ (١). وفى هذا أحاديثُ كثيرةٌ سوى هذا. ولأنَّ النِّكاحَ عقدٌ يقْتَضِى التَّمْلِيكَ، فكان للعاقدِ النَّظَرُ إلى المعْقودِ عليه، كالنَّظَرِ إلى الأَمَةِ المُسْتامةِ. ولا بأسَ بالنَّظَرِ إليها بإذْنِها وغيرِ إذْنِها؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ (٢) بالنَّظَرِ وأَطْلَقَ. وفى حديثِ جابرٍ: فكنتُ أتَخَبَّأُ لها. وفى حديثٍ عن (٣)


(٢٩) فى م: "فلأن".
(٣٠) فى الأصل، ب: "فيثبت".
(١) فى: باب فى الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٨٠. كما أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٣٣٤، ٣٦٠.
(٢) فى م: "أمرنا".
(٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>