للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإرادتُها بالطَّلاقِ كإرادةِ الأُخْرَى، وحُدُوثُ الموتِ بها لا يَقْتضِى فى حقِّ الأُخْرَى طَلاقًا، فَتَبْقَى على ما كانتْ عليه. والقولُ فى تَعْلِيقِ العِتْقِ. كالقَوْلِ فى تَعْليقِ الطَّلاقِ. فإذا (٨) جاء غَدٌ، وقد باعَ بعضَ العَبيد، أقْرَعَ بينَه وبينَ العَبِيدِ الأُخَرِ، فإن وقَعَتْ على المَبِيعِ، لم يَعْتِقْ منهم (٩) شىءٌ (١٠). وعلى قولِ القاضى، يَنْبغِى أن يَتَعَيَّنَ العِتقُ فى الباقِينَ، وكذلك يَنْبغِى أَنْ يَكُونَ مذهبُ أبى حنيفةَ، والشّافعىِّ؛ لأنَّ له تَعْيينَ العِتْقِ عندَهم بقولِه، فَبَيْعُ أحدِهم صَرْفٌ للعِتْقِ عنه، فَيَتَعَيَّنُ فى الباقِينَ. وإن باعَ نِصفَ العبدِ، أقرَعَ بينَه وبينَ الباقِينَ، فإن وقَعَتْ قُرْعةُ العِتقِ عليه، عَتَقَ نصفه، وسَرَى إلى باقِيه إنْ كان المُعتِقُ مُوسِرًا، وإن كان مُعسِرًا، لم يَعْتِقْ إلَّا نِصْفُه.

فصل: وإذا قال: امرأتى طالِقٌ، وأمَتى حُرّةٌ. وله نِساءٌ وإماءٌ، ونَوَى (١١) بذلك مُعَيَّنةً، انْصَرفَ إليها، وإن نَوَى واحدةً مُبْهَمَةً، فهى بُهمة فيهِن، وإِنْ لم يَنْوِ شيئًا؛ فقال أبو الخطّابِ: يَطْلُقُ نساؤُه كُلُّهنّ، ويَعْتِقُ إماؤُه؛ لأنَّ الواحدَ المُضافَ يُرادُ به الكُلُّ، كقولِه تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (١٢). و {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} (١٣). ولأنَّ ذلك يُرْوَى عن ابنِ عبّاسٍ. وقال الجماعَةُ: يَقَعُ على واحدةٍ مُبْهَمَةٍ، وحُكْمُه حُكْمُ ما لو قال: إحْداكُنّ طالِقٌ، وإحداكُنَّ حُرَّةٌ؛ لأنَّ لفظَ الواحدِ لا يُسْتعْمَلُ فى الجَمْعِ إلَّا مَجازًا، والكلامُ لحقيقتِه مالم يَصْرِفْه عنها دليلٌ، ولو تَساوَى الاحْمالانِ، لوَجَبَ قَصْرُه على الواحدةِ؛ لأنَّها اليَقينُ، فلا يَثْبُتُ الحُكمُ فيما زادَ عليها بأمرٍ مَشْكوكٍ فيه، وهذا أصَحُّ. واللَّهُ أعلمُ.


(٨) فى الأصل، ب، م: "وإذا".
(٩) سقط من: الأصل، ب، م.
(١٠) فى الأصل، ب، م زيادة: "منه".
(١١) فى ب: "إن نوى".
(١٢) سورة النحل ١٨.
(١٣) سورة البقرة ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>