للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٥٤ - مسألة؛ قال: (وَإذَا قُتِلَ وَلَهُ وَلِيَّانِ؛ بَالِغٌ، وطِفْلٌ أوْ غَائِبٌ، لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَقْدَمَ الْغائِبُ ويَبْلُغَ الطِّفْلُ)

وجملتُه أنَّ ورَثَةَ القَتِيلِ إذا كانوا أكثرَ من واحدٍ، لم يَجُزْ لبعضِهم اسْتِيفاءُ القَوَدِ إلَّا بإذْنِ الباقِينَ، فإن كان بعضُهم غائِبًا، انْتُظِرَ قُدُومُه، ولم يَجُزْ للحاضِرِ الاسْتِقْلالُ بالاسْتِيفاءِ، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه، وإن كان بعضُهم صَغِيرًا أو مَجْنونًا، فظاهِرُ مذهبِ أحمدَ، رحِمَه اللَّه، أنَّه ليس لغيرِهما الاستِيفاءُ حتى يَبْلُغَ الصغيرُ ويُفِيقَ المَجْنُونُ. وبهذا قال ابنُ شُبْرُمةَ، وابنُ أبي لَيْلَى، والشافعىُّ، وأبو يوسفَ، وإسْحاقُ، ويُرْوىَ ذلك (١) عن عمرَ بن عبد العزيزِ، رَحِمهُ اللهُ. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى: للكِبارِ العُقَلاءِ اسْتِيفاؤُه. وبه قال حَمَّادٌ، ومالكٌ، والأوْزاعىُّ، واللَّيْثُ، وأبو حنيفةَ؛ لأنَّ الحسنَ بنَ علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنهما، قَتَلَ ابنَ مُلْجَمٍ قِصاصًا، وفى الوَرَثةِ صِغارٌ، فلم يُنْكَرْ ذلك (٢)، ولأنَّ وِلايةَ القِصَاصِ هي اسْتِحقاقُ اسْتِيفائِه، وليس للصَّغِيرِ هذه الوِلايةُ. ولَنا، أنَّه قِصاصٌ غير مُتَحَتِّمٍ، ثَبَتَ لجماعةٍ مُعَيَّنِينِ، فلم يَجُزْ لأحَدِهِم اسْتيفاؤُه اسْتقلالًا، كما لو كان بين حاضِرٍ وغائبٍ، أو أحَدُ بَدَلَىِ النَّفْسِ، فلم يَنْفَرِدْ به بعضُهم كالدِّيَةِ، والدليلُ على أنَّ للصغيرِ والمجنونِ فيه حقًّا أربعةُ أمور؛ أحدها، أنَّه لو كان مُنْفَرِدًا لَاسْتَحَقَّه، ولو نَافاه الصَّغَرُ مع غيرِه لَنَافاهُ مُنْفَرِدًا، كوِلايةِ النِّكاحِ. والثانى، أنَّه لو بَلَغَ لاسْتَحَقَّ (٣)، ولو لم يكَنْ مُسْتَحِقًا عندَ الموتِ لم يكُنْ مُسْتحِقًا بعدَه، كالرَّقِيقِ إذا عَتَقَ بعدَ مَوْتِ أبِيه. والثالث، أنَّه لو صار الأمرُ إلى المالِ، لاسْتَحَقَّ، ولو لم يكُنْ مُسْتَحِقًّا للقِصاصِ لَمَا اسْتَحَقَّ بدَلَه، كالأجْنَبِىِّ. والرابع، أنَّه لو مات الصغيرُ لَاسْتَحَقَّه ورَثَتُه، ولو لم يكُنْ حقًّا لم يَرِثْه، كسائرِ ما لم يَسْتَحِقَّه، فأمَّا ابنُ مُلْجَمٍ، فقد قيل:


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه البيهقي، في: باب من زعم أن للكبار أن يقتصوا قبل بلوغ الصغار، من كتاب الجنايات. السنن الكبرى ٨/ ٥٨. وابن أبي شيبة، في: باب الرجل يقتل وله ولد صغار، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ٣٦٨.
(٣) في الأصل، ب: "لا يستحق".

<<  <  ج: ص:  >  >>