للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن ارْتَدَّ، فَسَدَ اعْتِكافُه، لِقَوْلِه تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (٨). ولأنَّه خَرَجَ بِالرِّدَّةِ عن كَوْنِه من أهْلِ الاعْتِكافِ، وإن شَرِبَ ما أسْكَرَهُ فَسَدَ اعْتِكافُه، لِخُرُوجِه عن كَوْنِه من أهْلِ المسجدِ.

فصل: وكلَّ (٩) مَوْضِعٍ فَسَدَ اعْتِكافُه، فإن كان تَطَوُّعًا، فلا قَضاءَ عليه؛ لأنَّ التَّطَوُّعِ لا يَلْزَمُ بالشُّرُوعِ (١٠) فيه فى غيرِ الحَجِّ والعُمْرَةِ. وإن كان نَذْرًا نَظَرْنَا، فإن كان نَذَرَ أَيَّامًا مُتَتَابِعَةً، فَسَدَ ما مَضَى من اعْتِكَافِه، واسْتَأْنَفَ؛ لأنَّ التَّتابُعَ وَصْفٌ فى الاعْتِكافِ، وقد أمْكَنَهُ الوَفَاءُ به، فلَزِمَه، وإن كان نَذَرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً، كالعَشرَةِ (١١) الأَوَاخِرِ من شَهْرِ رمضانَ، ففيه وَجْهَانِ: أحدُهما، يَبْطُلُ ما مَضَى، ويَسْتَأْنِفُه؛ لأنَّه نَذَرَ اعْتِكافًا مُتتابِعًا، فبَطَلَ بالخُرُوجِ منه، كما لو قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ بِلَفْظِه. والثانى، لا يَبْطُلُ؛ لأنَّ ما مَضَى منه قد أَدَّى العِبَادَةَ فيه أدَاءً صَحِيحًا، فلم يَبْطُلْ بِتَرْكِها فى غيرِه، كما لو أفْطَرَ فى أثْناءِ شَهْرِ رمضانَ، والتَّتَابُعُ هاهُنا حَصَلَ ضَرُورَةَ التَّعْيِينِ، والتَّعْيِينُ مُصَرَّحٌ به، وإذا لم يكنْ بُدٌّ من الإِخْلالِ بأحَدِهِما ففِيمَا حَصَلَ ضَرُورَةً أَوْلَى، ولأنَّ وُجُوبَ التَّتَابُعِ من حَيْثُ الوَقْتُ، لا من حَيْثُ النَّذْرُ، فالخُرُوجُ فى بعضِه لا يُبْطِلُ ما مَضَى منه، كصومِ رمضانَ إذا أفْطَرَ فيه، فعلى هذا يَقْضِى ما أفْسَدَ فيه حَسْبُ. وعليه الكَفَّارَةُ على الوَجْهَيْنِ جميعًا؛ لأنَّه تَارِكٌ لِبَعْضِ ما نَذَرَه. وأَصْلُ الوَجْهَيْنِ فى مَن نَذَرَ صَوْمًا مُعَيَّنًا، فَأَفْطَرَ فى بَعْضِه، فإنَّ فيه رِوَايَتَيْنِ، كالوَجْهَيْن (١٢) اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُما.

فصل: إذا نَذَرَ اعْتِكافَ أيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بِصَوْمٍ، فأفْطَرَ يَوْمًا، أَفْسَدَ تَتابُعَهُ،


(٨) سورة الزمر ٦٥.
(٩) على نزع الخافض.
(١٠) فى م: "الشروع".
(١١) فى الأصل، أ، ب: "كالعشر" على أنَّها الليالى.
(١٢) فى م: "كالمذهبين".

<<  <  ج: ص:  >  >>