للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْإِحْرامِ، فاسْتَوَى فيه أهْلُ مَكَّةَ وغيرُهم، كمِيقاتِ المَكانِ. وإن أَحْرَمَ قبلَ ذلك، كان جَائِزًا.

فصل: ومن حيثُ أحْرَمَ من مَكَّةَ جازَ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى المواقِيتِ: "حَتَّى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا" (٧). وإن أحْرَمَ خارِجًا منها من الحَرَمِ جازَ؛ لِقَوْلِ جابِرٍ: فأهْلَلْنَا من الأبْطَح. ويُسْتَحَبُّ أن يَفْعَلَ عندَ إحْرامِه هذا ما يَفْعَلُه عندَ الإحْرَامِ من المِيقَاتِ، من الغُسْلِ والتَّنْظِيفِ، ويَتَجَرَّدُ عن (٨) المَخِيطِ، ويَطُوفُ سَبْعًا، ويُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يُحْرِمُ عَقِيبَيْهما. ومِمَّن اسْتَحَبَّ ذلك عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، وسَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. ولا يُسَنُّ أن يَطُوفَ بعدَ إحْرامِه. قال ابنُ عَبّاسٍ: لا أرَى لأهْلِ مَكَّةَ أن يَطُوفُوا بعدَ أن يُحْرِمُوا بِالحَجِّ، ولا أن يَطُوفُوا بين الصَّفَا والمَرْوَةِ، حتَّى يَرْجِعُوا. وهذا مذهبُ عَطاءٍ، ومَالِكٍ، وإسحاقَ. وإن طَافَ بعدَ إحْرَامِه، ثمَّ سَعَى، لم يُجْزِئْهُ عن السَّعْىِ الوَاجِبِ. وهو قَوْلُ مالِكٍ. وقال الشَّافِعِىُّ: يُجْزِئُه. وفَعَلَهُ ابنُ الزُّبَيْرِ، وأجازهُ القاسمُ بن محمدٍ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّه سَعَى فى الحَجِّ مَرَّةً، فأجْزَأَهُ، كما لو سَعَى بعدَ رُجُوعِه من مِنًى. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ أصْحابَه أن يُهِلُّوا بِالحَجِّ إذا خَرَجُوا إلى مِنًى. وقالت عائشةُ: خَرَجْنَا مع رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فطافَ الذين أهَلُّوا بِعُمْرَةٍ بِالْبيتِ، وبين الصَّفَا والمَرْوَةِ، ثمَّ حَلُّوا، ثمَّ طافُوا طَوافًا آخَرَ بعدَ أن رَجَعُوا مِن مِنًى لِحَجِّهِمْ (٩). ولو شُرِعَ لهم الطَّوَافُ قبلَ الخُرُوجِ، لم يَتَّفِقُوا على تَرْكِه.


(٧) تقدَّم تخريجه فى صفحة ٥٦.
(٨) فى الأصل: "من".
(٩) سقط من: الأصل.
وتقدم تخريج الحديث فى صفحة ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>