للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلِ وأوْلَادُهُم، كالأجْدَادِ والأعْمامِ وأَوْلَادِهم، ويَسْتَوِى فيه الذُّكُورُ والإِنَاثُ. وذَكَرَ القاضي أنَّ أوْلَادَ الرَّجُلِ لا يَدْخُلُوَنَ في اسْمِ القَرَابةِ، ولا أهْل بَيْتِه. وليس هذا بشيءٍ، فإنَّ وَلَدَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من أهلِ بَيْتِه وأقَارِبهِ الذين حُرِمُوا الصَّدَقَةَ، وأُعْطُوا من سَهْمِ ذِى القُرْبَى، وهم مِن أقْرَبِ أقَارِبِه، فكيف لا يَكُونُونَ من أقَارِبه، وقد قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِفَاطِمَةَ ووَلَدَيْها وزَوْجِها: "اللَّهُمَّ هؤُلاءِ أهْلُ بَيْتِى، فأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا" (٦)؟ ولو وَقَفَ على أقَارِب رَجُلٍ، أو أوْصَى لأقَارِبِه، دَخَلَ فيه ولدُه، بغير خِلَافٍ عَلِمْتُه. والخِرَقِىُّ قد (٧) عَدَّهُم في القَرَابةِ بقولِه: "لا يُجَاوِزُ بها أرْبَعةَ آباءٍ؛ لأنَّ النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُجَاوِزْ بَنِى هاشِمٍ بسَهْمِ ذِى القُرْبَى". فجعل هاشِمًا الأَب الرَّابِعَ، ولا يكونُ رَابِعًا إلَّا أن يَعُدَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبًا، لأنَّ هاشِمًا إنَّما هو رابِعُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فصل: وإن وَصَّى لآلِه، فهو مثلُ قَرَابَتِه، فإنَّ في بعضِ ألْفاظِ زَيْدِ بن أرْقَمَ: من آل رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: أصْلُه، وعَشِيرَتُه الذين حُرِمُوا الصَّدَقَة بعدَه؛ آل عَلِىٍّ، وآل العَبَّاسِ، وآل جَعْفَرٍ، وآل عَقِيلٍ. والأصْلُ في آلِ أهْلٌ، فقُلِبَتِ الهاءُ هَمْزَةً، كما قالوا: هَرَقْتُ الماءَ وأَرَقْتُه. ومُدَّتْ لئَلَّا تَجْتَمِعَ هَمْزَتَانِ. وإن وَصَّى لِعِتْرَتِه، فقد تَوَقَّفَ أحْمدُ في ذلك، وهو في عُرْفِ الناسِ عَشِيرَتُه الأدْنُون، وولدُه الذُّكُور والإِنَاثُ وإن سَفَلُوا، فتُصْرَفُ الوَصِيّةُ إليهم، وبذلك فَسَّرَهُ ابن قُتَيْبةَ، قال (٨): ويَدُلُّ [على ذلك] (٩) قولُ أبى بَكْرٍ، رَضِىَ اللَّه عنه: نحن عِتْرَةُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبَيضَتُه التي تَفَقَّأَتْ عنه. وقال ثَعْلَبٌ، وابنُ الأعْرَابِىِّ: العِتْرَةُ الأَوْلادُ، وأوْلَادُ الأَوْلَادِ. ولم يُدْخِلَا في ذلك العَشِيرَةَ، والأوَّلُ أصَحُّ وأشْهَرُ في عُرْفِ الناسِ، مع أنَّه قد دَلَّ على صِحّتِه قولُ أبى بكرٍ، رَضِىَ اللَّه عنه، في مَحْفَلٍ من أصْحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يُنْكِرْهُ أحدٌ، وهم


(٦) أخرجه الترمذي، في: باب فضل فاطمة بنت محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ٢٤٩. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ٢٩٢، ٢٩٨، ٣٠٤.
(٧) سقط من: أ، م.
(٨) في غريب الحديث ١/ ٢٣٠.
(٩) في الأصل: "عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>