للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإنْ جَرحَ فَخِذَه، ومدَّ السِّكِّينَ حتى بلغَ الوَرِكَ، فأجافَ (١٠) فيه، أو جرَح الكَتِفَ، وجرَّ السِّكِّين حتى بلَغ الصَّدرَ، فأجافَه فيه، فعليْه أرْشُ الجائفةِ وحكومةٌ في الجِراحِ؛ لأنَّ الجِراحَ في غير مَوْضِعِ الجائفةِ، فانْفَردَتْ بالضَّمانِ، كما لو أوْضَحَه في رأسهِ وجَرَّ السِّكِّينَ حتى بلغَ الْقَفا، فإنَّه يَلْزَمُه أرْشُ مُوضِحَةٍ وحُكومةٌ لجرْحِ الْقَفا.

فصل: فإنْ أدخلَ حَدِيدةً أو خَشَبةً، أو يدَه، في دُبُرِ إنسانٍ، فخَرقَ حاجِزًا في الباطن، فعليه حُكومةٌ، ولا يلْزَمُه أرْشُ جائفةٍ؛ لأنَّ الجائفةَ ما خَرقَتْ من الظَّاهرِ إلى الجَوْفِ، وهذه بخلافِه. وكذلك لو أدْخَل السِّكِّينَ في جائفةِ إنسانٍ، فخَرقَ شيئًا في الباطنِ، فليس ذلك بجائفةٍ؛ لما ذكرْنا.

١٥٠٩ - مسألة؛ قال: (فَإنْ جَرَحَه فِي جَوْفِه، فَخَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَهُمَا (١) جَائِفَتَانِ)

هذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم عَطاءٌ، ومُجاهدٌ، وقتادةُ، ومالكٌ، والشَّافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْيِ. قال ابنُ عبدِ البرِّ: لا أعلمُهم يخْتلفون في ذلك. وحُكِيَ عن بعضِ أصْحابِ الشَّافعيِّ، أنَّه قال: هي جَائفةٌ واحدةٌ. وحُكِيَ أيضًا عن أبي حنيفةَ؛ لأنَّ الجائفةَ هي التي تَنْفُذُ من ظاهرِ البدنِ إلى الجَوْفِ، وهذه الثانية إنَّما نفَذَتْ من الباطنِ إلى الظَّاهِرِ (٢). ولَنا، ما رَوى سعيدُ بنُ المُسيَّبِ، أنَّ رَجُلًا رَمى رَجُلًا بسَهْم، فأنْفَذَه، فقضَى أبو بكرٍ، رَضِيَ اللهُ عنه، بثُلثَيِ الدِّيَةِ. ولا مُخالِفَ له، فيكون إجْماعًا. أخْرجَه سعيدُ بنُ منصورٍ في "سُنَنِه" (٣). وروى عن عمرو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن


(١٠) في م: "فأجاب". تحريف.
(١) في الأصل: "فهى".
(٢) في ب، م: "الظهر".
(٣) لم نجده في سنن سعيد بن منصور الذي بين أيدينا. وانظر: إرواء الغليل ٧/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>