للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الرِّجَالُ. فأمَّا إن شهدَتْ بأنَّها رَتْقَاءُ، أو ثبتَ أنَّ الرجل المشهودَ عليه مَجْبُوبٌ، فيَنْبَغِى أن يجبَ الحَدُّ على الشُّهودِ؛ لأنَّه يُتَيَقَّنُ كَذِبُهم في شَهادتِهم بأمْرٍ لا يعْلَمُه كثيرٌ من النَّاسِ، فوَجَبَ عليهم الحَدُّ.

فصل: إذا شَهِدَ أربعةٌ على رجلٍ أنَّه زَنَى بامرأةٍ، وشَهِدَ أربعةٌ آخَرون على الشهودِ أنَّهم هم [الذين زَنَوْا] (٤٨) بها، لم يجبِ الحَدُّ على أحدٍ منهم. وهذا قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ الأوَّلِين قد جَرَّحَهم الآخِرون بشَهادتِهم عليهم، والآخِرون تَتَطَرَّقُ إليهم التُّهْمةُ. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ وُجوبَ الحَدِّ على الشُّهودِ الأوَّلِين؛ لأنَّ شهادةَ الآخِرِين صحيحةٌ، فيجبُ الحكْمُ بها. وهذا قولُ أبي يوسفَ. وذكرَ أبو الخَطَّابِ في صَدْرِ المسألةِ كلامًا معناه، لا يُحَدُّ أحدٌ منهم حَدَّ الزِّنَى. وهل يُحَدُّ الأوَّلون حَدَّ القَذْفِ؟ على وَجْهَيْنِ، بِناءً على القاذفِ إذا جاءَ مَجِىءَ الشاهدِ هل يُحَدُّ؟ على رِوَايتَيْن.

فصل: وكُلُّ زِنًى أوْجبَ الحَدَّ، لا يُقْبَلُ فيه (٤٩) إلَّا أربعةُ شهودٍ، باتِّفاقِ العلماءِ؛ لِتَناوُلِ النَّصِّ له، بقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٥٠). ويدْخُلُ فيه اللِّواطُ، ووَطْءُ المرأةِ في دُبُرِهَا؛ لأنَّه (٥١) زِنًى. وعند أبي حنيفةَ، يثْبُتُ بشاهدَيْنِ، بِناءً على أصْلِه في أنَّه لا يُوجِبُ الحَدَّ. وقد بيَّنَّا وُجوبَ الحَدِّ به، ويُخَصُّ هذا بأنَّ الوَطْءَ في الدُّبُر فاحِشَةٌ، بدليلِ قولِه تعالى [: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} (٥٢). وقال اللَّه تعالى] (٥٣): {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (٥٤). فإذا


(٤٨) في ب، م: "الزناة".
(٤٩) سقط من: الأصل.
(٥٠) سورة النور ٤.
(٥١) في ب: "فإنه".
(٥٢) سورة الأعراف ٨٠.
(٥٣) سقط من: ب. نقل نظر.
(٥٤) سورة النساء ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>