للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشْتَرَى جَاريَةً لِيتَسَرَّى بها، خَرَجَ ثَمَنُها من المُضارَبةِ، وصَارَ قَرْضًا في ذِمَّتِه؛ لأنَّ اسْتِباحَةَ البُضْعِ لا تَحْصُلُ إلَّا بمِلْكِه؛ لقولِ اللَّه تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (٣٣).

فصل: وليس لواحِدٍ منهما تَزْوِيجُ الأَمَةِ؛ لأنَّه يَنْقُصُها، ولا مُكَاتَبَةُ العَبْدِ؛ لذلك. فإن اتّفَقَا على ذلك، جَازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما لا يَخْرُجُ عنهما.

فصل: وليس لِلْمُضَارِبِ دَفْعُ المالِ إلى آخَرَ مُضَارَبةً. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايةِ الأَثْرَمِ، وحَرْبٍ، وعبدِ اللَّه، قال: إن أَذِنَ له رَبُّ المالِ، وإلَّا فلا. وخَرَّجَ القاضِى وَجْهًا في جَوَازِ ذلك، بِنَاءً على تَوْكِيلِ الوَكِيلِ من غيرِ إذْنِ المُوَكِّلِ. ولا يَصِحُّ هذا التَّخْرِيجُ، وقِيَاسُه على الوَكِيلِ مُمْتَنِعٌ لِوَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أنَّه إنَّما دَفعَ إليه المالَ ههُنا ليُضَارِبَ به، وبِدَفْعِه إلى غيرِه مُضَارَبةً (٣٤) يَخْرُجُ عن كَوْنِه مُضَارِبًا به، بِخِلَافِ الوَكِيلِ. الثاني، أنَّ هذا يُوجِبُ في المالِ حَقًّا لغيرِه، ولا يجوزُ إيجابُ حَقٍّ في مالِ إنْسانٍ بغيرِ إِذْنِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ. ولا أعْرِفُ عن غيرِهم خِلافَهم. فإن فَعَلَ، فلم يَتْلَف المالُ، ولا ظَهَرَ فيه رِبْحٌ، رَدَّه إلى مالِكِه، ولا شىءَ له ولا عليه. وإن تَلِفَ، أو رَبِحَ فيه، فقال الشَّرِيفُ أبو جعفرٍ: هو في الضَّمَانِ والتَّصَرُّفِ كالغاصِبِ، ولِرَبِّ المالِ مُطَالَبَةُ مَنْ شاءَ منهما بِرَدِّ المالِ إن كان بَاقِيًا، ويَرُدُّ بَدَلَهُ إن كان تَالِفًا، أو تَعَذَّرَ رَدُّه، فإن طالَبَ الأَوَّلَ، وضَمَّنَه قِيمَةَ التَّالِفِ، ولم يكن الثانِى عَلِمَ (٣٥) بالحالِ، لم يَرْجِعْ عليه بِشىءٍ (٣٦) منه (٣٧)؛ لأنَّه دَفَعَهُ إليه على وَجْهِ الأمَانةِ. وإن عَلِمَ بالحالِ، رَجَعَ عليه؛ لأنَّه قَبَضَ مالَ غيرِه على سَبِيلِ العُدْواد، وتَلِفَ تحت يَدِه، فاسْتَقَرَّ ضَمَانُه (٣٨)


(٣٣) سورة المؤمنون ٦.
(٣٤) سقط من: ب.
(٣٥) في م: "على علم".
(٣٦) سقط من: ب.
(٣٧) سقط من: أ، ب، م.
(٣٨) في أ: "الضمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>