للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإِنْ نَقَضَت طائِفَةٌ من أهْلِ الذِّمَّةِ، جازَ غَزْوُهُم وقَتْلُهم. وإِنْ نَقَضَ بعضُهم دونَ بعضٍ، اخْتَصَّ حُكْمُ النَّقْضِ بالناقِضِ دونَ غيرِه. وإِنْ لم ينْقُضُوا، لكِنْ خافَ النَّقْضَ منهم، لم يجُزْ أَنْ يَنْبِذَ إليهم عهدَهم؛ لأنَّ عَقْدَ الذمَّةِ لِحَقِّهم، بدليلِ أَنَّ الإِمامَ تَلْزَمُه إجابَتُهم إليه، بخلافِ عَقْدِ الأمانِ والهُدْنَةِ؛ فإنَّه (٤) لمصلَحَةِ المسلمين، ولأنَّ عقدَ الذِّمَّةِ آكَدُ؛ لأنَّه مُؤبَّدٌ، وهو مُعاوَضَةٌ، ولذلك إذا نَقَضَ بعضُ أهْلِ الذِّمَّةِ العَهْدَ، وسَكَتَ بَعْضُهم، لم يكُنْ سُكُوتُهم نَقْضًا، وفى عَقْدِ الهُدْنَةِ يكونُ نَقْضًا.

فصل: وإذا عَقَدَ الذِّمَّةَ، فعليه حِمايَتُهم من المسلمين وأَهْلِ الحَرْبِ وأَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لأنَّه الْتَزَمَ بالعَهْدِ حِفْظَهم، ولهذا قال علىٌّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: إنَّما بذَلُوا الجزيَةَ لتكونَ أموالُهم كأمْوالِنا، ودماؤُهم كدِمائِنا (٥). وقال عمرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى وصِيَّتِه للخليفةِ بعده: وأُوصِيهِ بأهلِ ذِمَّةِ المسلمين خيرًا، أَنْ يُوفِىَ لهم بعَهْدِهم، ويُخاطرَ (٦) مِن ورائِهِم (٧).

فصل: وإذا تحاكَمَ إلينا مسلِمٌ مع ذِمِّىٍّ، وجَبَ الحكمُ بينهم؛ لأنَّ علينا (٨) حِفْظَ الذِّمِّىِّ مِن ظُلْمِ المسلمِ، وحِفْظَ المسلمِ منه. وإِنْ تحاكَمَ بعضُهم مع بعضٍ، أو اسْتَعْدَى بعضُهم على بعضٍ، خُيِّرَ الحاكمُ (٩) بينَ الحُكْمِ بيهم أو الإِعْراضِ (١٠) عنهم؛ لقولِ اللَّه تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (١١). فإنْ حَكَمَ بينهم، لم يحْكُمْ إِلَّا بِحُكْمِ الإِسْلامِ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (١٢). قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ


(٤) سقط من: م.
(٥) تقدم فى صفحة ٤٩.
(٦) فى ب، م: "ويحاط". وفى صحيح البخارى، وسنن البيهقى: "ويقاتل".
(٧) أخرجه البخارى، فى: باب يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون، من كتاب الجهاد والسير. صحيح البخارى ٤/ ٨٤. والبيهقى، فى: باب الوصاة بأهل الذمة، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ٢٠٦.
(٨) فى م: "عليا".
(٩) فى أ: "الإمام".
(١٠) فى م: "والإعراض".
(١١) سورة المائدة ٢٢.
(١٢) سورة المائدة ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>