للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فيه: كَفِّرِى يَمِينَكِ، وأَعْتِقِى جارِيَتَكِ. وهذه زيادَةٌ يجِبُ قبُولُها. ويَحْتَمِلُ أنَّها لم يكُنْ لها مملوكٌ سِوَاها.

فصل: فأمَّا إنْ قال: إنْ فَعَلْتُ، فللَّهِ علىَّ أَنْ أعْتِقَ (٥) عَبْدِى أو أُحَرِّرَه. أو نحو هذا، لم يَعْتِقْ بحِنْثِه، وكفَّرَ كفَّارَةَ يَمِينٍ، على ما ذكَرْنا فى (٦) نَذْرِ اللَّجاجِ (٧)؛ لأنَّ هذا لم يُعَلِّقِ العِتْقَ (٨)، إنَّما حلَفَ على تَعْلِيقِ العِتْقِ بشَرْطٍ، بخلافِ الذى قبلَه.

فصل: وإذا حَنِثَ، عَتَقَ عليه عَبِيدُه، وإماؤُه، ومُدَبَّرُوه، وأُمَّهاتُ أولادِه، ومُكاتَبُوه، والأشْقاصُ التى يَمْلِكُها من العَبِيدِ والإماءِ. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ، والْمُزَنِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرى، لا يَعْتِقُ الشِّقْصُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَه. ولعلّه ذَهَبَ إلى أَنَّ الشِّقْصَ لا يقَعُ عليه اسمُ العَبْدِ. وقال أبو حنيفةَ، وصاحِبَاه، وإسْحاقُ: لا يَعْتِقُ المُكاتَبُ. وهو قولُ الشافِعِىِّ؛ لأنّه خارِجٌ عن مِلْكِ سَيِّدِه وتَصَرُّفِه، فلم يدْخُلْ فى اسمِ مَماليكِه، كالحُرِّ. وقال الرَّبِيعُ: سَماعِى من الشافِعىِّ، أنَّه يَعْتِقُ. ولَنا، أنَّه مَمْلُوكُه، فيَعْتِقُ، كالمُدَبَّرِ؛ ودليلُ كَوْنِه مَمْلوكَه، قولُه عليه السلام: "الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِىَ عَلَيْه دِرْهَمٌ" (٩). وقولُه لعائشةَ: "اشْتَرِى بَرِيرَةَ، وأَعْتِقِيهَا" (١٠). وكانت مُكاتبَةً، ولا يصحُّ شِراءُ غيرِ الْمَملوكِ ولا عِتْقُه، ولأنَّه يصِحُّ إعْتاقُه بالإجْماعِ، وأحكامُه أحكامُ العَبِيدِ، ولأنّه مملوكٌ، فلا بُدَّ له من مالِكٍ، ولأنَّه يصِحُّ إعْتاقُه بالمُباشَرَةِ، فدخَلَ فى العِتْقِ بالتَّعْليقِ، كسائِرِ عَبِيدِه. وأمَّا الشِّقْصُ، فإنَّه مَمْلوكٌ له، قابلٌ للتَّحْرِيرِ، فيدْخُلُ فى عُمومِ لَفْظِه.

فصل: فإنْ قال: عبدُ فلانٍ حُرٌّ، إنْ دَخَلْتُ الدارَ. ثم دَخَلَها، لم يَعْتِقِ العبدُ، بغيرِ خلافٍ؛ لأَنّه لا يَعْتِقُ بإعْتاقِه ناجِزًا، فلا يَعْتِقُ بالتَّعْليقِ أوْلَى. وهل تَلْزَمُه كفّارَةٌ (١١)؟


(٥) فى الأصل، أ، ب: "عتق".
(٦) فى ب زيادة: "عتق".
(٧) فى ب زيادة: "والغضب".
(٨) فى الأصل: "العبد"، وفى م: "عتق العبد".
(٩) تقدم تخريجه، فى: ٩/ ١٢٤.
(١٠) تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٣٢٦.
(١١) فى م زيادة: "يمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>