للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وصَنْعَةُ التَّصاويرِ مُحَرَّمةٌ على فاعلِها؛ لما رَوى ابنُ عمرَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "الَّذِينَ يَصْنَعُوْنَ هَذِهِ الصُّوَرَ (٣٠) يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوْا مَا خَلَقْتُمْ". وعن مَسْرُوقٍ قال: دخلْنا معَ عبدِ اللَّهِ بيتًا فيه تماثيلُ، فقال لتمثالٍ منها: تمثالُ مَنْ هذا؟ قالوا: تمثالُ مريمَ، قال عبدُ اللَّهِ: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ". مُتَّفَقٌ عليهما (٣١)، والأمرُ بعَملِه مُحَرَّمٌ. كعَمَلِه.

فصل: فأمَّا دخولُ مَنْزلٍ فيه صورةٌ، فليسَ بمُحَرَّمٍ، وإنَّما أبيحَ تَرْكُ الدَّعوةِ مِن أجلِه عُقوبةً للدَّاعى، بإسْقاطِ حُرْمَتِه؛ لإِيجادِه المنكرَ فى دارِه. ولا يجبُ على مَن رآه فى منزلِ الدَّاعِى الخروجُ، فى ظاهرِ كلامِ أحمدَ؛ فإنَّه قال، فى روايةِ الفضْلِ [بن زياد] (٣٢)، إذا رأَى صُوَرًا على السِّترِ، لم يكُنْ رآها حين دخلَ؟ قال: هو أسْهَلُ مِن أن يكُونَ على الجدارِ. قيلَ له (٣٣): فإنْ لم يَرَه إلَّا عندَ وَضْعِ الخِوَانِ بينَ أيديهِمْ، أيخرجُ؟ فقال: لا تُضَيِّقْ علينا، ولكنْ إذا رأَى هذا وبَّخهُمْ ونَهاهُمْ. يعنى لا يخرجُ. وهذا مذهبُ مالكٍ؛ فإنَّه كان يكْرَهُها تنزُّهًا، ولا يَراها مُحَرَّمةً. وقال أكثرُ أصْحابِ الشَّافعىِّ: إذا كانت الصُّوَرُ على السُّتُورِ، أو ما ليسَ بمَوْطوءٍ، لم يجُزْ له الدُّخولُ؛ لأنَّ الملائكةَ لا تدْخُلُه، ولأنَّه لو لم يكُنْ مُحَرَّمًا، لَمَا جازَ تَرْكُ الدَّعوةِ الواجبةِ مِن أجْلِه. ولَنا، ما رُوِىَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-


(٣٠) فى ب، م: "الصورة".
(٣١) الأول أخرجه البخارى، فى: باب عذاب المصورين يوم القيامة، من كتاب اللباس، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ. . .} من كتاب التوحيد. صحيح البخارى ٧/ ٢١٥، ٩/ ١٩٧. ومسلم، فى: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، من كتاب اللباس. صحيح مسلم ٣/ ١٦٧٠.
كما أخرجه الإمام أحمد فى: المسند ٢/ ٢٦.
والثانى أخرجه البخارى، فى: باب عذاب المصورين يوم القيامة، من كتاب اللباس. صحيح البخارى ٧/ ٢١٥. ومسلم، فى: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، من كتاب اللباس. صحيح مسلم ٢/ ١٦٧٠.
كما أخرجه النسائى، فى: باب دكر أشد الناس عذابا، من كتاب الزينة. المجتبى ٨/ ١٩١.
(٣٢) سقط من: أ، ب، م.
(٣٣) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>