للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه يَبذُلُ عِوَضًا فى مُقَابلةِ ما لا منفعةَ له فيه، فإنَّ المِلْكَ لا يَحصُلُ له، فأشبهَ ما لو قال: بعْ عبدَك لزيدٍ بألْفٍ علىَّ. ولَنا، أنَّه بَذْلُ مالٍ فى مُقابلَةِ إسْقاطِ حَقٍّ عن غيرِه، فصَحَّ، كما لو قال: أعْتِقْ عبدَك، وعلىَّ ثمنُه. ولأنَّه لو قال: ألقِ مَتاعَك فى البحرِ وعلىَّ ثمنُه. صَحَّ، ولَزِمَه ذلك، مع أنَّه لا يُسْقِطُ حقًّا عن أحدٍ، فههُنا أوْلَى؛ ولأنَّه حقٌّ على المرأةِ، يَجوزُ أن يُسْقِطَه (٢٠) عنها بعِوَضٍ، فجازَ لغيرِها، كالدَّيْنِ. وفارقَ البيعَ، فإنَّه تَمْليكٌ، فلا يَجوزُ بغيرِ رِضَى مَن ثبَت (٢١) له المِلْكُ. وإن قال: طَلِّقِ امرأتَك بمهرِها، وأنا ضامِنٌ له. صَحَّ. ويَرجعُ عليه بمهرِها.

فصل: وإِنْ قالتْ له امرأتُه: طَلِّقْنِى وضَرَّتى بألفٍ. فطلقَهما، وقعَ الطَّلاقُ بهما بائِنًا، واسْتحَقَّ الألفَ على باذِلَتِه؛ لأنَّ الخُلْعَ مع الأجْنَبِى جائزٌ. وإن طلَّق إحْداهما، فقال القاضى: تَطْلُقُ طلاقًا بائنًا، ولزمَ الباذلةَ بحِصَّتِها مِنَ الألفِ. وهذا مذهبُ الشَّافعىِّ، إلَّا أَنَّ بعضَهم قال: (٢٢) يلزمُها مهرُ مِثْلِ المُطلَّقَةِ. وقياسُ قولِ أصحابِنا، فيما إذا قالت: طلِّقْنى ثلاثًا بألفٍ. فطلَّقَها واحدةً، لم يَلْزمْها شىءٌ، ووقَعتْ بها التَّطْليقةُ، أن لا يَلْزمَ الباذلةَ ههُنا شىءٌ؛ لأنَّه لم يُجِبْها إلى ما سألتْ، فلم يَجِبْ عليها ما بَذَلتْ، ولأنَّه قد يكونُ غَرَضُها فى بَيْنونتِهما جميعًا منه، فإذا طلَّقَ إحْداهما، لم يحْصُلْ غَرضُها، فلا يَلزمُها عِوَضُها.

فصل: وإن قالت؛ طلِّقْنى بألفٍ، على أن تُطَلِّقَ ضَرَّتى، أو على أَنْ لا تُطَلِّقَ ضَرَّتى. فالخُلعُ صحيحٌ، والشَّرطُ والبذلُ لازِمٌ. وقال الشَّافعىُّ: الشَّرطُ والعِوَضُ باطلانِ، ويَرْجِعُ إلى مهر المِثْلِ؛ لأنَّ الشَّرطَ سَلَفٌ فى الطَّلاقِ، والعِوَضُ بعضُه فى مُقابَلَةِ الشَّرْطِ الباطلِ، فيكونُ الباقى مجهولًا. وقال أبو حنيفةَ: الشَّرْطُ باطلٌ، والعِوَضُ


(٢٠) فى أ، ب، م: "يسقط".
(٢١) فى أ، ب، م: "يثبت".
(٢٢) فى الأصل زيادة: "لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>