للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتابًا. وسُئِلَ أحمدُ، أيَصِحُّ عن علىٍّ أنَّ للمَجُوسِ كِتابًا؟ فقال: هذا باطِلٌ. واسْتَعْظَمَه جِدًّا. ولو ثَبَتَ أَنَّ لهم كِتابًا، فقد بَيّنَّا أَنَّ حُكْمَ أهْلِ الكِتاب لا يَثْبُتُ لغير أهلِ الكِتَابَيْنِ. وقوله عليه السلام: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أهْلِ الْكِتابِ". دَلِيَلٌ على أنَّه لا كِتَابَ لهم، وإنَّما أراد به النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى حَقْنِ دِمِائِهِم، وإقْرارِهِم بالجِزْيةِ لا غيرُ، وذلك أنَّهم لمَّا كانت لهم شُبْهةُ كِتابٍ، غُلِّبَ ذلك فى تَحْرِيمِ دِمائِهِم، فيَجِبُ أن يُغَلَّبَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ لنِسائِهِم وذَبائِحِهم، فإنَّنا (٢٣) إذا غَلَّبْنا الشُّبْهةَ فى التَّحْرِيمِ [فتَغْلِيبُ الدَّلِيلِ الذى عارَضَتْه الشُّبْهةُ فى التَّحْرِيمِ] (٢٤) أَوْلَى، ولم يَثْبُتْ أَنَّ حذيفةَ تزوّجَ مَجُوسِيّةً، وضَعَّفَ أحمدُ رِوايةَ مَنْ رَوَى عن حُذَيْفةَ أنَّه تزَوَّج مَجُوسِيَّةً. وقال: أبو وائلٍ يقول: تَزَوَّجَ يَهُودِيّةً. وهو أوْثَقُ ممَّن رَوَىَ عنه أنَّه تزَوَّج مَجُوسِيَّةً. وقال ابن سِيرِينَ: كانت امرأةُ حذيفةَ نَصْرانِيَّةً. ومع تَعارُضِ الرِّواياتِ لا يَثْبُتُ حكمُ إحْداهُنَّ (٢٥) إلَّا بتَرْجِيحٍ، على أنَّه لو ثَبَتَ ذلك عن حُذَيْفةَ، فلا يجوزُ الاحْتجاجُ به مع مُخالفتِه (٢٦) الكِتابَ وقولَ سائرِ العلماءِ. وأمَّا إقْرارُهم بالجِزْيةِ، فلأنَّنا غَلَّبْنا حُكْمَ التحريمِ لدِمائِهِم، فيجبُ أن يُغَلَّبَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ [فى ذبائِحِهم] (٢٧) ونِسائِهِم.

فصل: وسائرُ الكُفَّارِ غيرُ أهلِ الكتابِ، كمَنْ عَبَدَ ما اسْتَحْسَنَ من الأصنامِ والأحجارِ والشَّجَرِ والحيوانِ، فلا خِلافَ بين أهلِ العلمِ فى تَحْريمِ نِسائِهِم وذبائِحِهم؛ وذلك لما ذكرْنا من الآيتَيْنِ، وعَدَمِ المُعارِض لهما. والمُرْتَدّةُ يُحَرَّمُ نِكاحُها على أىِّ دينٍ كانت؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ لها حكمُ أهلِ الدِّينِ الذى انْتَقَلَتْ إليه فى إقْرارِها عليه، ففى حِلِّها أَوْلَى.


(٢٣) فى ب: "فأما".
(٢٤) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٢٥) فى الأصل: "أحد منهن".
(٢٦) فى أ، ب، م: "مخالفة".
(٢٧) فى ب: "لذبائحهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>